مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

الناتو الشرق أوسطي ما بين بين المساعي الأمريكية والواقع الجيوسياسي

أحمد العناني

أحمد العناني 
أحمد العناني

لا شكّ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية بمختلف إداراتها سعت نحو إقامة نظام شرق أوسطي سياسي عسكري

في ظل تراجع الهيمنة الأمريكية التي أدت إلى انتكاسة أمريكية في منطقة الشرق الأوسط وتراجع ملحوظ

للدور الأمريكي في المنطقة، وصعود النفوذ الروسي الصيني الذي أصبح يتواجد في الشواطئ الدافئة في

سوريا والمتوسط من ناحية ومن ناحية أخري داخل افريقيا من خلال استثمارات صينية وتواجد عسكري

روسي.

في الوقت الذي انسحبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان انسحاب غير منظم ومفاجئ مما أعطي

مساحة وآلية شاسعة للتواجد الروسي الصيني.

كل هذه الأمور دفعت الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدين إلى تشكيل تحالف شرق أوسطي تشارك فيه

إسرائيل على دعم المساعي الأمريكية من دول حليفة للولايات المتحدة، وعلى رأسها دول مثل الخليج ومصر

والأردن، لكنّ الواقع الجيوسياسي والجيواستراتيجي تعارض وبشكل كبير مع المساعي الأمريكية والأحلام

الإسرائيلية التي أرادت من خلالها الدولتان كبح جماح إيران وتقليم أظافرها النووية والعسكرية.

ولأنّ هناك واقعاً سياسيّاً فرضته الأحداث الدولية أثناء الحرب الروسية الأوكرانية قد أعاد ترتيب صياغة

الأوراق وفق مصالح الدول، وخلق سياسة جديدة تعتمد على المهادنة والتهدئة من جانب، ومن جانب آخر

المصالح الاقتصادية جعلت إيران تنهج سياسة الحوار مع دول المنطقة وتغير في سياستها تجاه دول الخليج.

وهذا يعتبر أحد أهم المتغيرات السياسية التي أدت إلى تنازلات إيرانية وخليجية في آن واحد ولمن ينظر

لظروف المنطقة والمتغيرات يرى أن الواقع السياسية والجيو استراتيجي يذهب بشكل عام إلى سياسي التهدئة

والتخلي عن سياسة التصعيد.

إنّ المصالح الخليجية مع قطر ما تسمى بقمة العلا مثال نحو التحول، والتغيير في سياسة تركيا تجاه مصر

والمملكة العربية السعودية والإمارات تحول آخر.

ولأن البعض رأى أنّ ما تهدف إليه واشنطن هو فخ للدول العربية ويراعي المصالح الإسرائيلية كان هناك

تباين في التوافق حول إقامة ناتو شرق أوسطي بمشاركة إسرائيل، تصريحات أنور قرقاش نجاة عدم نية أبو

ظبي في الدخول في مغامرات سياسية تحاول طهران فتحت آلية الحوار.

بدورها اعتمدت المملكة العربية السعودية على سياسة الحوار التي قابلها ترحيب إيراني لتفويت الفرصة على

واشنطن وتل أبيب.

ثمة مواقف وتباينات يحكمها إطار جامع من المصالح البرجماتية لبعض الدول قد حكمت العلاقة من إقامة

ناتو، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية التي إصابة العالم بالركود والتضخم

لأنّ الدول الغربية أن تفهم نفسها في مقامرة غير محسوبة الخواطر، ناهيك عن مصر التي لا يربطها جوار

بري أو بحري مع إيران وايضا الاردن التي تنتهج نفس سياسة القاهرة والتي ترى أن المصاح العربية

والتحديات التي تواجه المنطقة تحل بالحوار وتحت مظلة الجامعة العربية.

يبقى الناتو هو ضرورة أمريكية ملحة ولكن اصطدم بواقع جيو استراتيجي جديد ومرحلة تشكيل النظام

الإقليمي الذي يتزامن مع صعود الصين وظهور القطب الثاني بقوة روسيا التي بدورها هي حليف قوى لكلا

من بكين وطهران.

كل هذا المسائل وقفت حائلاً ضد هذا الناتو، ومن جانب آخر لزم التأكيد عليه أنّ هذا الحلف باطنه الرحمة

وظاهرة العذاب، فباطنه كبح نووي إيراني، وتقليم أظافرها، بينما باطنه هو مواجهة روسيا والصين، ولأن

الدول العربية الفاعلة قد قرأت المشهد، والهدف من تلك المساعي الأمريكية والأحلام الإسرائيلية.

كانت كل هذا المعطيات والمتغيرات السياسية أحد أسباب تراجع فكرة الناتو رغم التمسك الأمريكي الحالي.

نهاية أود الإشارة إلى أن المفاوضات النووية الإيرانية مع الدول الكبرى التي تدور حاليا في فيينا توصلت في

النهاية إلى اتفاق سينهي أحلام أمريكا وإسرائيل في تشكيل هذا الحلف.

وان فشلت أعتقد أن ستعاود امريكا استنساخ فكرة الناتو مجدّدا لكبح نووي إيران.

كاتب

التعليقات مغلقة.