مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

مع ازدياد المخاوف والتحذيرات … متى يسرع العالم لإنقاذ الحياة على الأرض؟

مع ازدياد المخاوف والتحذيرات … متى يسرع العالم لإنقاذ الحياة على الأرض؟

روشن مسلم

روشن مسلم
روشن مسلم

تترك التغييرات المناخية في الحياة على سطح الأرض بشقّيها النباتي والحيواني آثاراً خطيرة على صحة الإنسان والبنى التحتية القائمة، كما تؤثّر على المدى الطويل على شكل التضاريس الأرضية، فالبرد والدفء والمطر والجفاف والهواء، عوامل تحدد نمط حياة الإنسان بكل أشكالها، أكان فيما يتعلق بغذائه أو مسكنه أو تنقلاته أو حتى باختيار ملابسه؟ وهذا ما يذكرنا بنظرية “أثر الفراشة” التي هي التعبير المجازي الذي يصف الأحداث الصغيرة التي تعقبها سلسلة من الأحداث التي تزداد تدريجياً إلى أن ينتهي الأمر لحدث عظيم في أماكن قد لا يتوقعها أحد، وعلى ما يبدو فإن المجتمعات الحديثة لا تعير الأهمية المطلوبة للتغيرات المناخية، بل تسعى إلى تطوير بعض التقنيات التي تساعدها على التحرر من تأثيرات المناخ، ولكن مع كل حدث مناخي غريب، غالباً ما نندهش حين نلاحظ أن بيئتنا المباشرة تتأثر بشدة بتقلبات السماء في هذا الإطار، فنلاحظ ازدياد الشعور بالقلق في نفوس الناس أمام ما يجدونه من تقلبات مناخية حادة، في وقت يحذّر العلماء في كافة أنحاء العالم الرأيَ العام والمسؤولين السياسيين من خطر التغير المناخي العالمي، الناتج عن النشاطات البشرية المسؤولة عن التغيير الحاصل في تركيبة الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى احتباس حراري سيترك آثاراً جمّة على مختلف عناصر المناخ، وعلى البشرية جمعاء.

 

أهمية البحث

إن مهمة المجتمع المدني هي العمل من أجل تحويل المجتمعات ونُظم إنتاجها واستهلاكها، فهي تشكّل سبباً من أسباب تغير المناخ، وذلك عن طريق إيجاد نماذج جديدة للتنمية وفقاً لطبيعة وظروف كل إقليم.

 

فكرة البحث

ترتبط الأسباب الهيكلية لتغير المناخ بنظام الهيمنة الرأسمالية الحالية التي ازدهرت في الغرب، وأفرزت صراعاً ومنافسة بكل درجاتها وأنواعها داخل حدود البلد الواحد أو خارجه، ونظراً لحاجة الدول الرأسمالية الدائمة إلى موادّ خام لا توجد إلا في أماكن أخرى معينة من العالم، كما يتطلب الأمر مثلاً أسواقاً واسعة لتوزيع بضائعها، وحاجة في نفس الوقت للأيدي العاملة، ومن هنا كان الاستعمار الذي فتح حدود الحروب والاضطرابات السياسية، الأمر الذي شكل مخاطر شديدة على  على سبل العيش، والتنوع الأحيائي، وصحة الإنسان والنظم الإيكولوجية والبنية التحتية، فضلاً على نظم الأغذية.

 

خطة البحث

يحتوي هذا البحث على استعراض سريع لتعريف المناخ كعلم، وتطوره وخطورته، كما يركز البحث أيضاً على أثر التبدّل المناخي على مظاهر الحياة، وتباين الصلة بين الاقتصاد الأخضر وحقوق الطبيعة، ويبقى السؤال المهم في هذا السياق: – هل ستتمكّن الرأسمالية من البقاء على قيد الحياة في ظلّ تغيير المناخ؟

وينبغي هنا أن أشير إلى أهمية التعاون الدولي في هذا المجال، حيث ينبغي أن تلعب الدول الغنية دوراً مهمّاً في هذا المجال، لا سيّما أن هذه الدول تمتلك الوفرة المالية والتقدم التقني الكبير.

 

أولاً– تعريف المناخ وتطوره كعلم

تعريف المناخ    

عمَد علماء الأرصاد الجوية وعلماء المناخ إلى وضع تصنيفات مناخية استناداً إلى تطبيقات كعلم المناخ الزراعي، علم المناخ الحيوي، أو الأهداف المنتظرة، وذلك بهدف تعريف المناخ وإعطاء نسبية لمعايير (الهواء، الحرارة، الضغط) التي غالباً ما تكون مجردة، لاستنتاج حالة المناخ في مكان محدد من خلال عناصر عديدة.

توضح هذه التصنيفات التي تميز بين نحو عشرين نوعاً من المناخ على نحو غير نهائي التنوع الكبير، وغالباً ما تطغى الحالات المتوسطة على التنوعات المناخية الشديدة والحالات الشاذة والكوارث، لذلك فإن كلمة المناخ هي تعبير مجازي يتعلق عادة بالبيئة والطبيعة لمواقع جغرافية تصف فصول السنة والتحولات الجوية التي تميز ذلك الموقع عن غيره من المواقع الأخرى، وبالرغم من وجود بعض الاختلافات البسيطة في تعريف المناخ، إلّا أنّ الباحثين يُجمِعون على أنّ المناخ هو معدل حالة الجوّ لفترة زمنية طويلة.

اشتُقّ مصطلح climate المناخ من الكلمة اليونانية klima والتي تعني الميل، ويُعرّف المناخ بشكل شائع بأنه متوسط قراءات حالة الطقس على مدى فترات طويلة، فمتوسط الفترة القياسية هي 30 عاماً، إلّا أنّه قد تستخدم فترات أخرى حسب الغرض. ويشمل المناخ أيضاً إحصاءات خلاف المعدل أو المتوسط، كحجم الاختلاف من يوم ليوم أو من سنة لسنة.

 

تطور علم المناخ

علم المناخ Climatology هو فرع من فروع العلوم يعتمد على الملاحظة والتتّبع، وهو العلم الذي يهتم بمشكلة للتكيف مع مناخ المنطقة، والبحث عن مسكن له، فهو من أولى محاولات البشرية للحصول على الأنماط المناخية، واستعمالها على نحو يسمح بالحصول على الحقائق من خلال البحث المستمر، والأساليب المنهجية، وتقييم الظواهر، والملاحظة لما لها من تأثير مباشر على الحياة الطبيعية والحيوية على سطح الأرض، ولكون الإنسان البدائي كان عاجزاً عن فهم مفهوم الطقس والمناخ، فقد عمل على عبادتها اعتقاداً منه أن ذلك يجنّبه أضرارها، لذلك ظهرت العديد من الآلهة المناخية، فقد عبد الإغريق (بوريس Bores) إله الرياح وعبد المصريين (رع Ra) إله الشمس) واعتبر (جوبتر Jupiter  وإله المطر عند الرومان)، واعتبر (ثور Thor إله الرعد) عند الإسكندنافيين، في حين قامت شعوب أخرى بتسجيل تكرار هذه الظواهر في محاولة أولية لفهمها ومن ثم التنبؤ بها.

استمرت الشعوب عامة في العصور القديمة بطرح تساؤلات كثيرة حول الظواهر الجوية التي تعكس أساساً ما تتعرض له عناصر الطقس والمناخ من تغيرات خاصة، وخلال فترة حضارة بلاد ما بين النهرين، والحضارتين المصرية والهندية، وصف الناس وحللوا حالات الغلاف الجوي بالاستناد إلى معتقداتهم لفهم علم المناخ، وبدأت نتائج الفكر الجغرافي تتبلور تحليلاً وتفسيراً بين الظواهر وصولاً حتى التوقعات.

وكان للصينيين دور بارز في هذا المجال، إذ تعدّ الشعوب الصينية من أقدم الشعوب التي اهتمت بملاحظة الجو وظواهره، نظراً لممارستهم الزراعة التي ترتبط بما يحدث من تغيرات جوية، أما الإغريق والرومان فقد كانوا يؤمنون إيماناً مطلقاً بالظواهر الجوية وتأثيرها، مما دفع بهم إلى التفكير بها والنظر لها بنظرة واقعية’.[1]

كانت هناك العديد من المحاولات قبل القرن الخامس عشر لإنشاء معدّات قياس لكافة المتغيرات في الغلاف الجوي، إلا إنه اكتشفت العديد من أجهزة القياس في منتصف القرن الخامس عشر، كمقياس المطر، ومقياس شدة الرياح، ومقياس الرطوبة. كما ظهر في القرن السابع عشر مقياس الضغط “البارومتر” ومقياس درجة الحرارة أو المحرار لجاليليو- الترمومتر- في حين تطورت في القرن الثامن عشر مقاييس درجة الحرارة إلى فهرنهايت، ومئوية.

وفي القرن العشرين تم تطوير أدوات جديدة للاستشعار عن بعد، مثل الرادار والأقمار الصناعية للرصد الجوي، التي قامت بتوفير بيانات أفضل على الصعيدين الإقليمي والعالمي. أجهزة الاستشعار عن بعد تقوم بجمع البيانات من الظواهر الجوية والمناخية عن بعد لتنتج لاحقاً المعلومات الجوية، وكل أجهزة الاستشعار عن بعد تجمع بيانات عن الغلاف الجوي من مواقع يصعب الوصول إليها في العادة، ويتم تخزين البيانات في الأجهزة في ذات الموقع بعد الحصول عليها مباشرة وبشكل آلي.

ثانياً– أثر التبدل المناخي على مظاهر الحياة

يمكننا القول هنا إن الإنسان تأقلم مع الطبيعة التي عاش فيها ضمن فترات زمنية عديدة منذ أن وُجد على سطح الأرض، أي أن أنشطة الملاحظة والتتبع هي من أولى النشاطات التي عرفها الإنسان، وكذلك نشاطات الرعي والزراعة والأعمال اليدوية التي لا تؤثر على المناخ، فقد تلاءم الإنسان مع المناخ منذ مئات السنين، إلا أن قيام الثورة الصناعية، وتقدمها خلال القرن التاسع عشر، واكتشاف البترول واستعمالاته الجائرة التي دفعت بالسياسيين إلى محاولات للحدّ من استخدامه، ولكي تقوم الثورة الصناعية استخدم الإنسان الوقود تعويضاً عن طاقته، والمعروف أنه شديد التلويث باحتراقه الذي يولد غاز ثاني أوكسيد الكربون، والذي يعمل على رفع درجة الحرارة، بالإضافة إلى الابتكارات التي دفعته للصناعات ذات النسبة العالية في تخريب المجتمع، من قبيل صناعة الأسلحة الذرية والنووية، والتي بلغت حالة باتت فيها مصدر خطرٍ اليوم.

يزيد تغير المناخ المسبَّب من النشاط البشري من تقويض الأساس البيئي والاجتماعي والاقتصادي للحياة على سطح الأرض، فالتغيرات في الدورة الهيدرولوجية أو دورة الماء، ستؤدي إلى انخفاض في إمدادات المياه العذبة والإنتاج الزراعي، وستتسبب فترات الجفاف الطويلة في خسائر في الأراضي الزراعية ومساحات الرعي وسبل المعيشة الريفية. هذه التأثيرات سيكون لها تداعيات كبيرة على المياه والأمن الغذائي والصحة وانتشار الأمراض.

من مشاكل الإنسان الأخرى والتي أثرت على الحياة البرية، ظهور الأمطار الحامضية، فالمناطق الصناعية وخاصة التي مازالت تستخدم نسبة من الفحم كوقود، تنفث إلى الجو أوكسيد الكبريت، الذي باختلاطه بماء المطر يتحول إلى مادة حامضية أكثر تركيزاً مما هو مطلوب، فتؤدي إلى قتل النباتات، والكثير من المناطق الصناعية تعاني الآن من هذه المشكلة.

كما أنّ التغييرات الأساسية في النظم الاقتصادية والسياسية للعالم والصراعات العنيفة بين بعض الدول التي تؤدي بشكل مباشر إلى التحركات السكانية والشلل المؤسسي والتدهور البيئي، والأمن والتحولات الديموغرافية والبيئية الأخرى وإلى تفاقم عواقب تغير المناخ، إلا أن هذه الآثار لن تكون موزعة بين أرجاء العالم فمن المعروف أن سكان البلدان النامية هي الأكثر ضرراً.

تعدّ منطقة آسيا والمحيط الهادئ من أكثر مناطق العالم ميلاً لحدوث الكوارث الطبيعية، وذلك من ناحية العدد الإجمالي للكوارث والأشخاص المتضررين على حد سواء، حيث تتعرض تلك المنطقة بدرجة كبيرة للتأثيرات المناخية وتعدّ موطناً لمجموعات سكانية معرّضة للمخاطر بدرجة كبيرة، كما تعدّ فقيرة ومهمشة بصورة غير متساوية. وقد أشار تقرير صدر عن بنك التنمية الآسيوي مؤخراً إلى المناطق الخطرة بيئياً والتي تمثل مخاطر خاصة لحدوث فيضانات وزوابع وأعاصير التايفون وزيادة ضغط المياه.

وبما أن المناخ يعدّ من أهم العوامل المؤثر بصورة مباشرة في تشكيل سطح الأرض ومظاهر الحياة عليها، فإن ارتفاع الحرارة وتغير الضغط الجوي أثّر على حياة الإنسان ونشاطه الحيوي، فذوبان الثلوج وارتفاع مستوى مياه البحر وهجرة الحيوانات والجفاف والأعاصير والعواصف وانقراض بعض أنواع الكائنات الحية، أدى إلى ظهور مفهوم الاحتباس الحراري الذي يحدث نتيجة تجمّع غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

 

ثالثاً- الاقتصاد الأخضر والطبيعة ومستقبل النظام الرأسمالي

تعتمد حياتنا كبشر على أنظمة بيئية تحتوي على حوالي مليونَي نوع معروف، فحياة الإنسان قائمة تماماً على شبكة من المحاصيل والحيوانات التي هي مصدر الحياة للبشر، فالغابات هي التي تنظم إمدادات المياه وتوفر الوقود، والمحيطات تساعد على تنظيم المناخ والتنوع البيولوجي الذي هو مصدر للثراء الثقافي والروحي للسكان الأصليين، وسكان المدن أيضاً، وما تم اكتشافه من الحياة على سطح الأرض يقلّ عن عشر بالمئة قد يكون هناك أكثر من 90 بالمئة من أنواع الكائنات غير معروفٍ على سطح الأرض، ولكن كل مظاهر هذه الحياة تتلاشى وبمعدل يزداد ويثير القلق  وفقا لمنظور التنوع البيولوجي، فمعدلات الانقراض في جميع أنحاء العالم هي الآن أعلى 1000100 مرة مما كانت عليه في عصور ما قبل الإنسان، وهذا هو أكبر انقراض منذ اختفاء الديناصورات حيث بلغ ما يقارب 42 بالمئة من الأنواع الحيوانية والنباتية البرية ذات الاتجاهات المعروفة، قد انخفضت أعدادها خلال العقد الماضي.

يجري تدمير الغابات الاستوائية بمعدلات سريعة، حيث يتم فقدان مساحة بحجم اليونان كل عام، وتعدّ هذه الغابات هي المواطن الأصلية لأعلى مستويات التنوع البيولوجي على هذا الكوكب، كما أن مساحة الغابات في العالم تغطي الآن 68 بالمئة فقط من المساحة التي كانت مغطاة في حقبة ما قبل الصناعة، فإذا ارتفع متوسط درجة الحرارة في العالم بمقدار درجتين مئوية، فستختفي الشعاب المرجانية الاستوائية، مما سيدمّر سبل عيش نصف مليار شخص. بالإضافة إلى ذلك، فإن القمامة والتلوّث البحري يهددان التنوع البيولوجي للمحيطات بشكل خطير، بينما يتم إضافة ما بين 4.6 إلى 12.7مليون طن منها كل عام، وبهذا المعدل، يمكن أن تحتوي المحيطات بحلول عام 2050 على بلاستيك أكثر من الأسماك من حيث الوزن..[2]

وفي مواجهة هذه المعدلات المخيفة لفقدان التنوع البيولوجي، فالمجتمعات وخاصة منها الدول المتقدمة كالاتحاد الأوربي، تتسابق في وضع الخطط التنموية بهدف النهوض بالبنية الاقتصادية والاجتماعية، إلا أن النمو السريع وغير المتوازن غالباً ما يؤدي إلى مشكلات بيئية، تاركاً آثاراً سلبية على المجتمع نتيجة الزيادة المتنامية لاستنزاف الموارد الطبيعية، وأنواع التلوث في توسّع نتيجة الاستمرار في إقامة المشاريع التنموية، وتأثير ذلك على الصحة وتلاشي النظم البيئية لمعدلات غير مستدامة، من أجل تعزيز مثل هذه الاعتداءات على الطبيعة، لذا يصف الرأسماليون جشع اقتصادهم بأنه اقتصاد أخضر..

بلا شك إنّ الإنسان عنصر واحد من المحيط الحيوي من نظام الأرض الذي يتضمن الغلاف الجوي، الغلاف الحيوي، والغلاف الصخري، والغلاف المائي. فعند الحديث عن توازن نظام الأرض فهذا يعني الحديث عن الحقوق لجميع أجزاء نظام الأرض، فمن أجل ضمان حقوق الإنسان واستعادة الانسجام مع الطبيعة فإنه من الضروري الاعتراف على نحو فعال بحقوق الطبيعة وتطبيقها.

لقد بات من الواضح وبشكل متزايد أن النموذج المهيمن للنمو الاقتصادي هو واحد من أهم معوقات الجهد العالمي الجاد في التعامل مع تغير المناخ، ولكن هذا النموذج المزعزع للاستقرار والذي بدأ يصبح واضحاً بشكل متزايد هو نمط إنتاج في تحويل الطبيعة الحية إلى سلع ميتة، بالإضافة إلى توليد نفايات هائلة، والدافع هو الربح أو الرأسمالية.

 

خامساً– التعاون الدولي وأهميته ودور الدول الغنية

بعيداً عن مشكلة الحصول على الأموال بالاستغلال والتحايل، فإنّ أسواق التعاون الدولي مختلفة نوعاً ما عن الأسواق الأخرى على أنها لم توجد لمصلحته، أي أنّها لا تنتهي عند حدودها، ولكنها توجد بوصفها وسيلة لتحقيق مسؤولية أخلاقية وهدف اجتماعي معين. إنّ الآثار السلبية التي تواجهها الدول بسبب التغيرات المناخية تؤثر على حياة المواطنين بشكل مباشر في نشاطاتهم اليومية، لا سيّما الدول الفقيرة والعاملون في مجال الزراعة، وهنا ينبغي على الدول الغنية أن تعزز جهودها الدولية من أجل العمل المشترك لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول الفقيرة، لتعزيز تأقلمها مع التغيرات المناخية، ودعم كافة الاستراتيجيات الجديدة للتنمية المستدامة.

إنّ تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي مترابطان ومعتمدان كل منهما على الآخر، فلا يمكن للمجتمع الدولي معالجة أزمات المناخ ما لم يعالج فقدان التنوع البيولوجي في نفس الوقت، كما يمكن أن يساهم الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية واستعادتها بشكل حيوي في معالجة تغير المناخ.

تساعد دراسات الهيئة الحكومية الدولية بتغير المناخ من قبل المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لإتاحة مصدر موضوعي للمعلومات العلمية في إصلاح التوازن، حيث تعدّ أسرة الأمم المتحدة في طليعة الجهود الرامية التي تهدف إلى إنقاذ كوكبنا، ففي عام 1992 ومن خلال قمة الأرض، أنتجت اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيير المناخ كخطوة أولى في التصدي لمشكلة تغيير المناخ، واليوم تتمتع هذه الاتفاقية بعضوية شبه عالمية، ولقد صدّقت 197 دولة على الاتفاقية وهي طرف فيها. إن الهدف النهائي للاتفاقية هو منع التدخل البشري الخطير في النظام المناخي.

لقد أدى التدهور الإيكولوجي حقيقة إلى خفض إنتاجية ما يقرب من ربع مساحة الأرض، وباتت المشكلة أقوى من أن تواجهها دولة واحدة، وبحلول عام 1995، بدأت البلدان مفاوضات من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وبعد عامين اعتُمد بروتوكول كيوتو، وقانونياً يلزم بروتوكول كيوتو الأطراف من البلدان المتقدمة بأهداف خفض الانبعاث، وبدأت فترة الالتزام الأولى للبروتوكول في عام 2008 وانتهت في عام 2012. وبدأت فترة الالتزام في 1 يناير 2013 على أن تنتهي في عام 2020. ويوجد الآن 197 طرفاً في الاتفاقية و192 طرفاً في بروتوكول كيوتو.

بالإضافة إلى اتفاقية باريس عام 2015، ومؤتمر القمة المعني بالمناخ 2019، وقمة المناخ في غلاسكو الإسكتلندية 2021، ومن المقرر استضافة مصر لمؤتمر المناخ في نوفمبر 2022 في مدينة شرم الشيخ.

إنّ الحديث عن مستقبل الأرض، وإنقاذ الحياة عليها يتطلب إيجاد رؤى جديدة للتعاون الدولي في هذا المجال، ولا يجب أن ننتظر ما يقوله البعض، إن إنقاذ الأرض مرهون بإزالة النظم الرأسمالية، فلا ينبغي أن ننتظر سقوط هذه النظم اليوم أو غداً، فالأمر يحتاج لمواجهة سريعة، وإجبار هذه النظم على تغيير نمط استخداماتها الصناعية، وأيضاً أساليب التعامل مع الطاقة والبحار، وهذا لن يحدث إلا بضغط عالمي يؤدي إلى اعتراف الدول الصناعية الكبرى بمسؤوليتها عن تلوث البيئة وتغيرات المناخ، بسبب إهدار المناطق الطبيعة، والحروب، والهجرات، و الغازات السامة، و المواد الكيماوية، و تهديد الحياة، و لعل تحديد الخطوات في هذا الاتجاه هو تولي الدول الصناعية الكبرى كنوع من الاعتراف بمسؤوليتها ودعم الدول الفقيرة، وإتاحة التكنولوجية لها الفقيرة بلا مقابل..

إن الأمر في النهاية خطير جداً، لأن مصير العالم وبقاءه مرتبطان بتعاون دولي وتفهّم الدول الكبرى لدورها الكبير.

[1]تطور مفهوم ودراسة علم المناخ – بوابة وادي فاطمة الالكترونية (wadifatima.net)

[2]– راجع مجموعة أدوات لحشد الدعم من أجل الطبيعة/ ص. 4

كاتب

التعليقات مغلقة.