مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

دلائل الإنكار الفرعونيّة / رحلة في كتاب الموتى… الخروج إلى النهار

دلائل الإنكار الفرعونيّة / رحلة في كتاب الموتى… الخروج إلى النهار

 شيماء رياض أبو زيد – جمهورية مصر العربية

مقدمة:

“السلام عليك أيّها الإله الأعظم إله الحق، لقد جئتك يا إلهي خاضعًا لأشهد جلالك، جئتك يا إلهي متحليًا بالحق، متخليًا عن الباطل، فلم أظلم أحدًا ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين، ولم تُضلّني الشهوة فتمتد عيني لزوجة أحد من رحمي، ولم تمتد يدي إلى مال غيري، لم أكن كاذبًا، ولم أكن لك عاصيًا، ولم أسعَ للإيقاع بعبد عند سيده. إني يا إلهي لم أُوجِعْ ولم أُبْكِ أحدًا، وما قتلت وما غدرت، وما كنت محرّضًا على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنّس شيئًا مقدسًا، ولم أغتصب مالًا حرامًا ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبِعْ قمحًا بثمن فاحش ولم أغشّ الكيل،ش أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر. وما دمت بريئًا من الإثم، فاجعلني يا إلهي من الفائزين”.

بهذه  الكلمات السابقة التي لم  تكن سوى جزء من تعاويذ وترانيم ونصوص تم نقشها على جدران المقابر والمسلات والبرديات وعلى أقنعة المومياوات، تم تصوير لحظة البعث والحساب في المعتقدات المصرية القديمة، إذ يتم وزن قلب الشخص المتوفَّى أمام ريشة إلهة الحق “ماعت”، فإذا كان وزن قلبه أثقل من ريشة “ماعت” يكون من العاصين، ويُلقى به إلى وحش مفترس يلتهمه معلنًا تلك “النهاية الأبدية للميت”، أما إذا كان قلب الميت أقل وزنًا من تلك الريشة، فيكون مآله إلى الجنة، حيث النعيم الأبدي مع أحبابه، ولا يقع على عاتق الشخص المتوفي إلا إثبات دلائل الإنكار حتى ينجو من العذاب ويدخل في النعيم الأبدي.

 

فما هي هذه الدلائل وما أبعادها الميثولوجية في حياة المصريين والشعوب المحيطة ؟

لقد شكلت المعتقدات والطقوس في مصر  جوهر الديانة المصرية الفرعونية القديمة، والتي ظهرت بظهورهم في وقت ما من عصور ما قبل التاريخ.

حيث مثّلت الآلهة صور القوى والظواهر الطبيعية، والتي حاول المصريون استرضاءها من خلال تقديم الأضاحي و القرابين وإقامة الطقوس الخاصة لكي تواصل تلك القوى عملها وفقًا للنظام الإلهي.

بعد تأسيس الدولة المصرية قبل حوالي 3100 ق.م تولى الفراعين سلطة تنفيذ هذه المهام، وادّعى كل فرعون أنه ممثل للآلهة، وتولى  إدارة المعابد حيث كانت تقام الطقوس.

واتسمت الآلهة بصفات مُعقدة ظهرت في الأساطير والعلاقات المُتَشَابِكة بينهم، ومنها: الروابط الأسرية، والجماعات الحرة، والتسلسلات الهرمية في العلاقات الاجتماعية والطبقية ، والجمع بين آلهة منفصلة في إله واحد.

وساهم الاختلاف في أشكال الآلهة في الفن المصري القديم كالحيوانات والبشر والأشياء ومجموعات من أشكال مختلفة،  في اكتساب رمزية  أضافت  السمات المميزة لتلك الآلهة.

و لقد ساد الاعتقاد بأنّ الآلهة حاضرة في جميع أنحاء المعمورة، ولها القدرة على التأثير على الأحداث الطبيعية وحياة الإنسان، وكان تفاعل البشر معهم من خلال المعابد والأضرحة، لأسباب شخصية وكذلك لأهداف كبرى من طقوس الدولة، فصلى المصريون طلبًا لعون الآلهة، وأقاموا لهم لهذه الغاية الشعائر والطقوس، ودعوهم طالبين النصيحة، وكانت العلاقات بين البشر وآلهتهم جزءاً أساسيًا من المجتمع المصري.

في عام 2012 عثر الباحثون على ما يُعتقد أنه أول كتاب مصور في التاريخ في مصر القديمة يوضح الطريق إلى عالم الحساب والبعث عند الفراعنة، وقد يكون أقدم نسخة عُثِر عليها فيما يُعرف بكتاب “الطريقين” وتوصلوا إلى نتائج مهمة بعد اكتشاف تابوت السيدة “عنخ”، على الجانب الأسفل من التابوت الذي تعرَّض لتآكُل شديد، وسُمِّي كتاب الطريقين بهذا الاسم بسبب تصوير الكتاب لطريقين يجتازهما الشخص المتوفى وصولًا إلى النعيم الأبدي، هما طريق البر وطريق الماء. وهناك كتاب آخر يُعرف بكتاب “البوابات”، وجاءت تسميته بسبب تصوير الكتاب لبوابات يختارها المتوفى في العالم الآخر، ولا بد له من معرفة اسم الباب واسم الحارس حتى يتم العبور في سلام إلى حقول القرابين (سخت حتب)، أي الجنة (النعيم الأبدي).

“إن هذا كتاب الطريقين، الذي يعود تاريخه إلى 4000 عام  يصور بالنقوش والخرائط طريق الروح إلى الحياة الأبدية”.

 

بداية القصة :

ارتكزت الأخلاق في مصر القديمة على مفهوم (ماعت)، الذي يعني لدى تطبيقه على المجتمع البشري أنه يجب على الجميع أن يعيشوا باستقامة وألا يتدخلوا في رفاهية غيرهم. وبما أن الآلهة تولوا الحفاظ على ماعت، فقد ربُطت الأخلاق بهم، فمثلًا حاكمت الآلهة البشر على استقامتهم الأخلاقية بعد وفاتهم، وبحلول المملكة المصرية الحديثة، كانوا يصدّرون حكمًا بالبراءة على الشخص لكي يتم قبوله في الحياة الآخرة. وفي العموم، كان قوام الأخلاق هو الطرق العملية للحفاظ على ماعت في الحياة اليومية، بدلا من أن تكون قواعد صارمة أنزلتها الآلهة.

تعاويذ سحرية :

تشير أجزاء كتاب “الطريقين” التي عُثر عليها في تابوت عنخ إلى أن الرحلة الشاقة للوصول إلى الحياة الآخرة، ستعوقها النيران والشياطين والأرواح الشريرة التي سيتعين على الشخص التغلُّب عليها، وتضمَّن الكتاب مجموعةً من التعاويذ التي تساعد على صدّ هذه المخاطر والتغلب عليها.

لقد كان كل مصري قديم ذو شأن معين حريصاً على تكليف الكهنة خلال تحنيطه و دفنه بتجهيز كتاب الموتى الخاص به، بحيث يذكر فيه اسمه و اسم أبيه واسم أمه ووظيفته في الدنيا، وذلك استعداداً ليوم وفاته وتجهيز طقوس نقله إلى مقبرته، و لم يكن هذا الأمر متوفراً لكل المصريين ﻷنه مكلف جداً، لذلك اختصت به طبقة معينة من النبلاء و الموظفين و خُدّام الآلهة في المعبد.

تلك التعاويذ و التمائم التي يحملها الكتاب هي تعليمات إرشادية تمكّن الميت من تخطي العقبات والمخاطر التي ستصادف روحه أثناء رحلته إلى الحياة الأخرى، وتدله أيضاً على الوسائل التي يتعين عليه أن يستخدمها ليتمم هذه الرحلة بنجاح من دون أن يتعرض لأي سوء.

توجد في كتاب الموتى عادة صورة لأوزيريس جالساً على عرشه في الآخرة وإلى الخلف تستند إليه أختاه إيزيس ونفتيس، وأمامه أبناء ابنه حورس الأربعة الصغار ليساعدوه في حساب الميت. وقد كان تصور المصري القديم أن الإله حورس سوف يأتي بالميت بعد نجاحه في اختبار الميزان ويقدمه إلى أوزيريس، ويُعطى لباساً جميلاً ويدخله إلى الحديقة “الجنة”، وقبل ذلك لا بدّ من أن تتم عملية وزن أعمال الميت في الدنيا عن طريق وضع قلبه في إحدى كفتي الميزان وتوضع في كفة الميزان الأخرى ريشة “ماعت” وهي رمز “العدالة والأخلاق السوية”، فإذا كانت الريشة أثقل من قلب الميت، فمعنى ذلك أنه كان شخصاً طيباً في حياته و على خلق كريم فيأخذ ملبساً جميلاً ويدخل حديقة “الجنة” حيث حقول الفردوس تتخلّلها الأنهار من تحتها ليعيش فيها راضياً سعيداً أبد الآبدين. أما إذا ثقل قلب الميت عن وزن الريشة فمعناه أنه قد كان في حياته شخصاً شريراً، وعندئذ يُلقى بالقلب وبالميت إلى حيوان خرافي يكون واقفاً بجوار الميزان اسمه “عمعموت”، رأسه رأس أسد وجسمه جسم فرس النهر وذيله ذيل تمساح، فيلتهمه هذا الحيوان على التوّ وتكون نهايته.

 

محكمة الموتى في الصف العلوي حيث يمثُل الميت أمام محكمة مكونة من /42/ قاضياً  للاعتراف بما كان يفعله في حياته، في مقدمتهم “رع حوراختي”. ونرى إلى اليمين أسفل منهم أوزيريس جالساً على العرش وخلفه تقف أختاه إيزيس و نفتيس وأمامه الأبناء الأربعة لحورس واقفون على زهرة البردي وقد قاموا بالمحافظة على جثة الميت في القبر، ثم يأتي حورس بالميت لابساً ثوباً جميلاً ليمثل أمام أوزيريس ويدخل بعد ذلك الجنة، إلى اليسار نرى أنوبيس يصاحب الميت لإجراء عملية وزن قلبه، و في الوسط منظر عملية وزن القلب حيث يقوم الإله أنوبيس بوزن قلب الميت ويقارنه بريشة الحق “ماعت”، بينما يقف الوحش الخرافي “عمعموت” منتظراً التهام القلب إذا كان الميت خطّاء عصياً، وفي نفس الوقت يقوم “تحوت” (إله الحكمة الذي علّم المصريين القدماء الكتابة و الحساب) بتسجيل نتيجة الميزان بالقلم في سجله الأبدي.

 

و من الأجزاء الأساسية في كتاب الموتى دعاء خاص يدافع به الميت عن نفسه (ويسمى الاعتراف بالنفي)، حيث يقول :

“السلام عليك أيها الإله الأعظم إله الحق. لقد جئتك ياإلهي خاضعاً لأشهد جلالك، جئتك ياإلهي متحلياً بالحق، متخلياً عن الباطل، فلم أظلم أحداً ولم أسلك سبيل الضالين، لم أحنث في يمين ولم تضلّني الشهوة فتمتدّ عيني لزوجة أحد من رحمي ولم تمتدّ يدي لمال غيري، لم أكن كاذباً ولم أكن لك عصياً، ولم أسعَ في الإيقاع بعبد عند سيده. إني (ياإلهي) لم أوجع ولم أُبكِ أحداً، وما قتلت وما غدرت، بل وما كنت محرّضاً على قتل، إني لم أسرق من المعابد خبزها ولم أرتكب الفحشاء ولم أدنّس شيئاً مقدّساً، ولم أغتصب مالاً حراماً ولم أنتهك حرمة الأموات، إني لم أبع قمحاً بثمن فاحش ولم أغشّ الكيل، أنا طاهر، أنا طاهر، أنا طاهر، وما دمت بريئاً من الآثام، فاجعلني ياإلهي من الفائزين.”

 

 

 

وثمة نصان لمقولة الأبواب: في صف الرسوم العليا نجد “أني” وزوجته يواجهان سبعة أبواب لبيت أوزيريس. وفي صف الرسوم السفلي الزوجان يدخلان بيت أوزيريس من حقل الأشجار ويقابلون 10 من أصل 21 من الأسرار السماوية وتقوم بحراستها كائنات شرسة كل واحد منها في صومعته.

 

يبين لنا كتاب الموتى لدى قدماء المصريين العقائد الدينية التي كانت تشغلهم طوال حياتهم، فلم يكن الموت لديهم جزءاً لا ينفصل عن الحياة فقط وإنما كان لدى الناس آنذاك مفهوماً آخر عن الموت والحياة الأخرى لا يختلف كثيراً عما نعتقده اليوم، و إن كنا نرى الموت كحتمية مرعبة نتحاور التفكير فيها و الحديث عنها، فقد كان المصريون ينظرون إليه كجزء لا يتجزأ من مفهوم الحياة، و يستعدون له كما يجب للعبور نحو الحياة الآخروية، و هنا يأتي دور كتاب الموتى بما يحتويه من تعاويذ وتوجيهات للميت، تساعده على البعث والانتقال إلى الآخرة حيث يعيش فيها مثلما كان يعيش على الأرض ولكن بدون أمراض ولا تعب و لا كبر في السن، بل يكون في الآخرة رفيقاً للآلهة يأكل ويشرب معهم في بعض المناسبات.

وهدف الميت كان الوصول إلى الحياة الأبدية في العالم الآخر، و رغم أن التصور لم يكن منطقياً لدى بعض الشعوب في تلك العصور، لكن تصور المعيشة في الآخرة لدى قدماء المصريين هو أن الميت الذي فعل صالحاً في حياته وكان أميناً وصادقاً يساعد الفقير والجائعين والعطشى، ويساعد الأرامل واليتامى، كان مثل هذا الإنسان يعيش طبقاً لما أرادته له الآلهة من ” قواعد حياة سوية، ونظام عادل”، و من هنا كان وزن قلبه و أعماله طبقاً لما رمز له النظام المصري القديم ب “ماعت” آلهة الحق والعدل و النظام الكوني.

ولدينا الدلائل المنصوصة التي أقرّتها قوانين ماعت وعرفت ب الاعتراف السلبي،  وقوانين ماعت هي دعوة للتناغم والتوازن الكوني، ولقد وجدت قوانين ماعت ال 42 مدونة بالكامل في كتاب الموتى “الخروج إلى النهار”  و كتبت بصيغة الاعترافات المنفية و ليس بصيغة الأمر و النهي، لأن الأمر و النهي يُستخدمان لفرض الأخلاق على الناس من الخارج و لذلك يكون دائماً مصحوباً بالتهديد و الوعيد، و لغة الأمر و النهي المشمولة بالتهديد و الوعيد ليست لغة كونية (إلهية) ، و لم يستخدمها قدماء المصريين لفرض الأخلاق على الناس فرضاً ، لأنها لغة تخاطب في الإنسان غريزة الخوف التي تسجنه في الوجود الأدنى، و أيضاً لأن قوانين ماعت لم تكن قواعد أخلاقية و إنما كانت جوهر الفضيلة التي أودعها الإله داخل الإنسان ،

و هي موجوده فيه منذ بداية الخلق و تنتقل من جيل إلى جيل، و كل ما يحتاجه الإنسان هو استدعاء و استحضار الفضيلة من داخله، و هو ما يُعرف بمصطلح “إيقاظ الضمير”

لذلك نجد أن قوانين الماعت ال 42 كتبت على لسان أرواح الموتى الذين انتقلوا إلى العالم الآخر ، و هم يقفون في قاعة الماعت (العدل) يوم الحساب؛ أي أن تلك القوانين لم تفرض على الإنسان من الخارج ، و إنما هي نابعة من داخله .

لا يحتاج الإنسان إلى قواعد أخلاقية تفرض عليه من الخارج ، لأن بداخله الضمير جوهر الفضيلة، و ما عليه سوى تفعيل الضمير ، و هذا ما فعله قدماء المصريين.

و قوانين الماعت ال 42 كما ترجمها والس بدج (Wallis Budge) هي :

1- أنا لم أرتكب خطيئة

2-  أنا لم أسلب الآخرين ممتلكاتهم بالإكراه

3- أنا لم أسرق

4-  أنا لم أقتل

5-  أنا لم أسرق الطعام

6- أنا لم أختلس القرابين

7-  أنا لم أسرق ممتلكات المعبد

8-  أنا لم أكذب

9-  أنا لم أخطف الطعام

10-  أنا لم ألعن (أشتم)

11-  أنا لم أغلق أذنَي عن سماع كلمات الحق

12- أنا لم أزنِ

13-  أنا لم أتسبب في بكاء الآخرين (إيذاء مشاعر الآخرين )

14- أنا لم أنتحب (أحزن) بدون سبب

15-  أنا لم أعتدِ على أحد

16-  أنا لم أغش (أخدع) أحد

17-  أنا لم أغتصب أرض أحد

18- أنا لم أتنصت (أتجسس) على أحد

19-  أنا لم ألفق تهمة لأحد

20-  أنا لم أغضب بدون سبب

21- أنا لم أغوِ زوجة أحد

22-  أنا لم أدنس (ألوث) جسدي

23- أنا لم أقم بإرهاب أحد

24-  أنا لم أخالف القانون

25- أنا لم أتمادَ فى الغضب

26- أنا لم ألعن (أشتم) النترو

27-  أنا لم أستخدم العنف ضد أحد

28- أنا لم أهدد السلام

29- أنا لم أتصرف بغوغائية (بدون تفكير(

30 – أنا لم أتدخل فيما لا يعنيني

31- أنا لم أتحدث بالمبالغة (النميمة(

32- أنا لم أفعل الشر

33-  أنا لم يصدر مني أفكار/كلمات/أفعال شريرة

34- أنا لم ألوث ماء النيل

35- أنا لم أتحدث بغضب أو استعلاء

36- أنا لم ألعن أحداً بكلمة أو فعل

37- أنا لم أضع نفسي موضع شبهات

38- أنا لم أسرق ما يخص النترو

39- أنا لم أنبش القبور و لم أسئ إلى الموتى

40 – أنا لم أخطف لقمة من فم طفل

41- أنا لم أتصرف بكبر و غطرسة

42-  أنا لم أخرب المباني الدينية (المعابد) .

ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إليه أن المتوفى عليه أن يقدم نوعين من الدفاع:

الدفاع الأول عن نفسه وهو دفاع عام.

الدفاع الثاني: إلى كل من القضاة باسمه وصفاته وأن يبرئ نفسه أمامهم من اثنتين وأربعين خطيئة.

كتاب الموتى يحتوي على عدة فصول تصف وتشير إلى الآتي :

– وقاية الميت من الشياطين والأرواح الشريرة والثعابين وغيرها.

– تعرّف الميت عند البعث الطريق إلى الآخرة.

–   تساعده على عبور بحر النار والصعاب التي تهدده.

–   تسمح له بالتردد بين العالم الأرضي والعالم الآخر.

–  تساعده على الحياة في الآخرة.

– تساعده على الحصول على الماء والغذاء وتلقي الهبات والأضحية، وعطائها في العالم الآخر.

– تساعده على معرفة الأماكن في الآخرة، وتذكر أسماء الآلهة والأسماء الهامة  مثل اسم باب الآخرة.

– تساعده على معرفة الأبواب وأسمائها وتعاويذ فتحها والمرور منها والوصول إلى الآلهة وتعريف نفسه إليهم.

ورغم وجود بعض الاختلافات بين تصورنا في الحاضر عن الحياة الآخرة و رؤية الحضارات القديمة لمسألة الحياة بعد الموت، فلا نستطيع أن ننكر أنه توجد بين معتقداتنا ومعتقدات المصري القديم تماثلات كبيرة، ففي حين كان قدماء المصريين يعتقدون في البعث والمثول أمام هيئة قضائية مشكلة من 42 قاضياً يعترف الميت أمامهم بأنه لم يسرق، ولم يقتل أحد، ولم يكذب، ولم، ولم، وكل ما لم يكن يفعله من سيئات في حياته في الدنيا، نجد أن الديانات الإبراهيمية الثلاث التي ظهرت بعد الحضارة المصرية القديمة، تتفق بكل مذاهبها و توجهاتها على فكرة رئيسية يقوم عليها مبدأ الإيمان، و هي مسألة البعث بعد الموت و الحساب بين يدي الإله الخالق لكل شيء، و إذا ما أزيلت هذه الفكرة الأساسية، ينهار بناء الأديان كلياً، و تنتفي الحاجة إلى الإيمان بالآلهة ما دامت لن تعيد تصحيح الموازين المختلة في الحياة الدنيا و تقيم العدل المطلق و الأبدي في الآخرة و تكافئ الطيبين و تعاقب الأشرار.

 

الخاتمة :

 

إن التشابه الكبير بين الأساطير المصرية القديمة و ما تذكره الكتب المقدسة للديانات الإبراهيمية فيما يخص مفهوم الحياة والآخرة والبعث بعد الموت و الوقوف بين يدي الآلهة من أجل الحساب و المكافأة أو العقاب على ما سبق من حياة الإنسان، يصل إلى درجة تتجاوز حدود التناص الأدبي، إذ يبدو من الواضح و المؤكد اليوم أن الأديان الإبراهيمية قد اقتبست تلك التفاصيل بحذافيرها لتغيّر فقط تعدد الآلهة بمفهوم التوحيد و تترك الباقي كما هو في غالبيته.

و يبقى السؤال الأهم  مطروحاً من جديد : من اقتبس مِن مَن؟.

 

 

 

 

المراجع المستخدمة في البحث  :

1 – كتاب الموتى الفرعوني و أسطورة البعث من الموت و الحساب أمام الآلهة ، مهدي بوعبيد   مركز القلم للأبحاث والدراسات  ، 2017 م

2- المبادئ اللاهوتية للديانة المصرية.  توبين ، فينسينت آريه (1989)

3- تعاويذ «العالم الآخر» عند الفراعنة ، مقالة بقلم داليا فاروق بتاريخ 29 فبراير 2020

4- كتاب الموتى الفرعوني ، برت ام هرو ، ترجمة فيليب عطية ، مكتبة المدبولي القاهرة 1988

 

كاتب

التعليقات مغلقة.