مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

(البارتي) أوّل حزب كرديّ في سوريا

تمّوز شمالي

تموز شمالي
تموز شمالي

التمهيد

المبحث الأول: تأسيس الحزب .

– يبحث فيه الكاتب الآراء المختلفة حول تأسيس الحزب وتاريخه. (عبد الحميد حج درويش ، ملا داوود زيني ، رشيد حمو ، محمد متا أحمد ) .

– الأسباب والغايات التي دفعت باتجاه تأسيس الحزب.

المبحث الثاني: مراحل تأسيس الحزب.

  • المرحلة الأولى: جمعية احياء الثقافة الكردية وأثرها في تأسيس الحزب.
  • المرحلة الثانية: التواصل مع المثقفين الكرد السياسيين في عفرين الذين تخلوا عن الحزب الشيوعي السوري

المبحث الثالث: التنظيمات الكردية التي انضمت للحزب.

يتناول الباحث الجمعيات والكتل والشخصيات المثقفة التي انضمت الى صفوف الحزب واتساع القاعدة الجماهيرية للحزب في عفرين ،حلب ،دمشق ،الجزيرة .

تأسيس البارتي

توجه مجموعة من المثقفين نحو تأسيس حزب سياسي كردي، فكانت النتيجة هو ميلاد الحزب، لكن هناك أكثر من رأي حول تأسيس الحزب وتاريخه وحتى اسمه، لذلك سنستشهد ببعض ما جاء في الكتب والمقابلات الشخصية، سنبدأ بما كتبه السيد عبدالحميد درويش [1]:

“وقد حفّزنا نجاح الجمعية إلى تشكيل تنظيم سياسي، نظراً للحاجة الملحّة إلى مثل هذا التنظيم، من أجل النضال لتحقيق الحقوق القومية للشّعب الكردي في سوريا، وبالفعل توجّهنا في أواسط عام 1956م إلى تشكيل حزب سياسي، وهنا تخلى عنّا كلّ من محمد صالح درويش وعبدالمجيد درويش وخضر فرحان. وبقينا نحن الثلاثة عثمان صبري وعبدالحميد درويش وحمزة نويران، وفي هذه الفترة كان الدكتور نورالدين ظاظا، قد أنهى دراسته في سويسرا في “لوزان” وعاد إلى سوريا، والذي أيّدنا بدوره على تأسيس مثل هذا التنظيم، بدأنا نحن الثلاثة بوضع الأسس للحزب الذي اتفقنا على تسميته ب:(partiya Kurdên Dimiqratên Sûrî) حزب الكرد الديمقراطيين السّوريين، وتمّ كتابة برنامج الحزب باللّغة الكردية، وساعدنا في ذلك بشكل مستمر الدكتور نور الدّين ظاظا، ومن بين الذين شجّعونا على تأسيس حزب سياسي في سوريا الأستاذ جلال الطالباني عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، الذي تواجد في سوريا في تلك المرحلة بسبب ملاحقته من قبل الحكم الملكي في العراق، وكذلك الأستاذ عبدالله اسحاقي المعروف بأحمد توفيق سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني آنذاك.”

وفي مقالة للسّيد عبدالحميد درويش في مجلة الحوار [2]يقول:” كنّا في البداية ثلاثة رفاق (أوصمان صبري، حمزة نويران، وأنا) ثمّ انضمّ إلينا فيما بعد رفاق آخرون ..فبعد طبع البرنامج السياسي وتوزيعه في عام 1956م .. وفي هذه الفترة اتصل عثمان صبري مع عدد من العناصر المعروفة في جبل الكرد، بعد أنْ تمّ تكليفه بذلك، وفي ربيع عام 1957م قدم السّيد رشيد حمو إلى دمشق مندوباً لرفاقه هم:(محمد علي خوجة، شوكت حنّان، خليل محمد) والجميع كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي السّوري، بالإضافة إلى رشيد حمو، وكانوا ذوي ميول قومية، ولديهم الرغبة للعمل في حزب كردي تقدمي.

وبعد نقاش ومداولات مع رشيد حمو تمّ التوصل إلى تفاهم معهم، على أنْ ينضموا إلى الحزب ويصار إلى كتابة برنامج للحزب باللغة العربية، بعد أنْ كان قد كتب باللغة الكردية وبالفعل تمّ ذلك، وتمّ الاجتماع الأوّل بيننا يوم 14 حزيران 1957م، في منزل السّيد محمد علي خوجة الكائن في سوق الخميس في حلب، ومنذ ذلك التّاريخ أصبحت اللجنة المركزية تتألف من سبعة أعضاء هم: عثمان صبري، عبدالحميد درويش، حمزة نويران، رشيد حمو، محمد علي خوجة، خليل محمد، شوكت حنان، وتمّ الاتفاق على أنْ يكون الرّابع عشر من حزيران يوم تأسيس الحزب، بعد أنْ وافق عثمان صبري على اقتراح الأخوة في جبل الكرد، على أنْ يكون اسم الحزب (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا) بدلاً من(حزب الكرد الديمقراطيين السوريين).”

أما ملّا داوود زيني: وهو من الرعيل الأوّل، يقول في مقدمة كتاب مذكّرات الأستاذ أوسمان صبري: “في عام 1956م فكّر عثمان صبري في تشكيل الحزب الدّيمقراطي الكُردي في سوريا، وطرح فكرته هذه أوّل ما طرح على الشيخ محمد عيسى، لأنّه كان على اتصال دائم معه ومع المقرّبين إليه، وكانا يتباحثان في القضايا القومية والفكرية والنضالية منذ الأربعينات أيّام جمعية خويبون، فأيّد الفكرة، بدأ عثمان صبري بكتابة البرنامج لهذا الحزب المزمع تشكيله، وساعده فيها كلٌّ من السّيد جلال الطالباني اللاجئ السّياسي والدكتور نور الدين ظاظا، بإبداء آرائهما أثناء مناقشة بنود البرنامج وصياغتها الأخيرة.

شيئاً فشيئاً اتسعت دائرة الانتساب والالتفاف حول هذه الفكرة القومية الرائدة حتى شملت كلًّا من: عثمان صبري المؤسّس والرّاعي الأوّل لهذه الفكرة، الشيخ محمد عيسى، حميد درويش، رشيد حمو، حمزة نويران، محمد علي خوجة، خليل محمد، شوكت حنان، ويعتبر هؤلاء هم المؤسسون- وإنْ جاء بعضهم متأخراً بعض الشيء- وهم في نفس الوقت أعضاء مركزيون، وعقدوا أوّل اجتماع لهم في 14\6\1957م، منهم من اعتبر الفكرة وكتابة البرنامج هي بداية تأسيس الحزب، فيكون عام 1956م تاريخاً له، ومنهم من اعتبر الخطوة العملية الأولى هي بداية تأسيس الحزب، وبذلك يكون عام 1957م تاريخاً له، وأيّاً يكنْ فلكل منهم وجهة نظره[3]“. أمّا رشيد حمو كتب في كتابه[4]: “وبعد تبادل الآراء بين مختلف الأوساط الكُرديّة تم الاتفاق على تشكيل هذا الحزب السياسي الكُردي باسم “الحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا” ثم تحوّل فيما بعد إلى “الحزب الديمقراطي الكُردي في سوريا”، حيث قام بتأسيسه كلٌّ من الأشخاص التالية أسماؤهم: (عثمان صبري، رشيد حمو، محمد علي خوجه، محمد خليل، شوكت حنان، حميد درويش وحمزة نويران)، الذين عقدوا اجتماعهم الأوّل بتاريخ 14 حزيران عام 1957م، الذي اعتبر تاريخاً مجيداً لميلاد أوّل حزب سياسي كُردي في سوريا.

ويُكمل السّيد رشيد حمو فيقول ما يلي:

“كان عثمان صبري أول منْ يفكّر بتأسيس حزب سياسي كردي في سوريا، وقد فاتحني بهذا الأمر عام 1953م، ولكنْ، بسبب كوني عضواً في الحزب الشيوعي، فقد رفضت الفكرة ولم أقبل بها، ويبدو أنّه كان قد عرض الفكرة على العديد من الأشخاص في الجزيرة، إلّا أنّ هؤلاء رغم تأييدهم للفكرة لم يجدوا في أنفسهم الكفاءة والقدرة، لإخراجها إلى حيّز الوجود، وفي عام 1956م، وبعد تركِنا لصفوف الحزب الشيوعي عاد أوصمان صبري إلى الاتصال بي مرّة ثانية، وعرض علي الفكرة من جديد، فالتقيت به في دمشق ودرسنا الموضوع من جميع جوانبه على ضوء الظروف القائمة في البلاد، قبلت الفكرة هذه المرة، ولكنّي استمهلته بعض الوقت كي أدرس المسألة مع الرّفاق في حلب، الذين كانوا قد خرجوا معي من صفوف الحزب الشيوعي. وفي حلب درست المسألة مع كلٍّ من شوكت حنّان ومحمد علي خوجه و خليل محمد، فأبدوا استعدادهم للتعاون معنا والعمل على تأسيس الحزب المنشود، فبلغت عثمان بالأمر وباشرنا بالعمل معاً في حلب ودمشق والجزيرة. عقدنا نحن الرفاق السبعة (عثمان صبري ورشيد حمو ومحمد علي خوجه وشوكت حنان وحميد درويش وحمزة نويران) أوّل اجتماع في حلب بتاريخ 14 حزيران 1957م، الذي اعتبر تاريخاً لميلاد الحزب، واعتبر الاجتماع اجتماعا للجنة المركزية للحزب مجازاً؛ وهو لم يكن في الحقيقة سوى اجتماعٍ لهيئة المؤسسين للحزب، إذ لم يكن أي مؤتمر للحزب قد عقد لكي ينتخب فيه أعضاء اللجنة المركزية، حيث لم يكن للحزب وجود قبل تاريخ هذا الاجتماع.

وفي هذا الاجتماع انتخب عثمان صبري سكرتيراً للحزب، وعهد إلى الرّفاق الأربعة في حلب ( رشيد حمو و محمد علي خوجه و شوكت حنان و خليل محمد) القيام بمهام المكتب السياسي للحزب، لكونهم أقدر الرفاق الموجودين وأكثرهم كفاءة في إدارة أمور الحزب، كونهم اكتسبوا تجربة نضالية غنية في هذا الميدان أثناء نشاطهم في صفوف الحزب الشيوعي.”

أما محمد ملا أحمد في كتابه: “صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني الكردي في سوريا” يذكر أحداث تأسيس البارتي نقلاً عن عبدالحميد درويش ورشيد حمو، فحسب ما يذكر بأنّه يوافق الرأي مع عبدالحميد درويش ورشيد حمو، وهذا ما كتبه:

“. بعد فترة من الزمن، اقترح عليه أوصمان ، تأسيس حزب سياسي فقبل، وبدأ أوصمان يكتب البرنامج السياسي للحزب الجديد باللغة الكردية، وشاركته قليلاً، لعدم خبرتي ومعرفتي حينها بهذه الأمور، وسمينا البرنامج (ريزان) وقد ساهم كل من جلال الطالباني اللاجئ السياسي إلى سوريا، والدكتور نورالدين ظاظا بآرائهم أثناء وضع مواد البرنامج، وهكذا وضع الاثنان في صيف 1956 ،اللبنة الأولى لتأسيس البارتي، ثمّ عرض حميد حاج درويش البرنامج على حمزه نويران، الذي كان يعرفه بحكم الجوار في القرية، فوافق حمزه على البرنامج، ولكنّهما اشترطا عليه الانسحاب من الحزب الشيوعي فوافق، وهكذا أصبحوا ثلاثة.

وقد نشط بعدها عثمان صبري، الذي سعي لتوسيع مجال نشاط البارتي وإدخال عناصر جديدة فيه، فاتصل مع رشيد حمو في حلب، الذي كان بينهما علاقات سابقة واتصالات كما يقول رشيد، وعرض عليه المشاركة في الحزب الجديد؛ وبعد اتصالات جاء رشيد إلى دمشق، فعرض عليه عثمان البرنامج الجديد ( ريزان )، لكنه لم يوافق على بعض النقاط، كما يقول رشيد، ومن ثمّ اتفقوا على وضع برنامج جديد، وترجمةٍ عربية للبرنامج المذكور ( ريزان )، كما يذكر عثمان وحميد، متضمنا ًشعار الحزب ( تحرير و توحيد كردستان )، وبعودة رشيد حمو إلى حلب أعلم رفاقه ( محمد على خوجه وخليل محمد وشوكت حنان ) بما جرى لعثمان صبري، والاتفاق على تأسيس حزب كردي، فوافقوا على ذلك، إلا شوكت حنّان كان له اعتراضات، لذا تأخّر عنهم فترة من الوقت، كما يقول شوكت نفسه مستمراً في عضويته للحزب الشيوعي”.

وبهذا أصبح الجميع مؤسسين للبارتي الديموقراطي الكردستاني- سوريا، واعتبروا جميعاً أعضاء في اللّجنة المركزية، وكان اجتماعهم الأوّل المنعقد بتاريخ / 14 / حزيران / 1957م /هو تاريخ تأسيس البارتي في سوريا، كما يقول رشيد حمو.

يضيف حميد حاج درويش، أنّه وأوصمان صبري لم يعترضا على التاريخ الجديد/ 14 / حزيران/ 1957م / كتاريخ لتأسيس البارتي، ولم يطلبا اعتبار التاريخ القديم ( تاريخ تأسيس البارتي ) أنْ يكون هو التاريخ المعترف به رسمياً لتأسيس البارتي، لأنّ رغبتهما (رغبة أوصمان وحميد) كانت في إنشاء حزب سياسي، يضم جماهير الشّعب، ويناضل من أجل حقوقه القومية، وباجتماعهم معاً تحققت رغبتهم، إذن لا اختلاف على تاريخ التأسيس، وهكذا اعتبر يوم / 14 /حزيران/ 1957. هو التاريخ المعترف به رسمياً، كتاريخ لتأسيس البارتي الديموقراطي الكردستاني سوريا، بعد أنْ اتفقوا على اسم تنظيمهم واتفقوا على برنامجه السياسي، الذي من ضمن بنوده، البند الذي يعتبر ” تحرير وتوحيد كردستان ” جزءاً من أهدافه الرئيسية.”

مرحلتا تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا

المرحلة الاولى

بدأت هذه المرحلة بتأسيس جمعية إحياء الثقافة الكرديّة عام 1955م، والتي تتألف من أوصمان صبري “مسؤول الجمعية”، وحمزة نويران و عبدالحميد درويش ومحمد صالح درويش وخضر فرحان العيسى وسعدالله إبراهيم، التي كانت روشن بدرخان تدعمها، بعد أنْ عملت هذه الجمعية بعض النشاطات الثقافية وطبعت بعض الكتب، فقد توجّه أعضاؤها نحو تأسيس تنظيم سياسي، وبالفعل توجّه البعض منهم إلى تشكيل حزب قومي يناضل من أجل تحقيق الحقوق القوميّة للشّعب الكردي في غربي كردستان، وذلك بعد انسحاب أكثرية الأعضاء وتركهم صفوف الجمعية، قد بقي الأعضاء الثلاثة وهم: أوصمان صبري وعبدالحميد درويش وحمزة نويران، وكان أوصمان صبري قد طرح على عبدالحميد درويش تشكيل حزب سياسي، وبعد مناقشةٍ طويلةٍ بينهما اتفقا على ذلك، بعد ذلك اتصل عبدالحميد درويش مع حمزة نويران، على اعتبار أنّ كليهما من نفس المنطقة (أولاد الجزيرة)، وحين وافق حمزة نويران، أجمع ثلاثتهم على تأسيس الحزب السياسي، وهم:( أوصمان صبري وعبدالحميد درويش وحمزة نويران)، كما أيّدهم في ذلك الدكتور نورالدين ظاظا، الذي عاد قبل فترة وجيزة من سويسرا، بعد أنْ أكمل دراسة الدكتوراه.

بدأ الرفاق الثلاثة بكتابة برنامج الحزب باللّغة الكردية (كتبه أوصمان صبري) وكان يتألف من ثلاثة أقسام( سياسي، وثقافيّ، واجتماعيّ)، كما تمّ تسمية الحزب باسم: حزب الكرد الديمقراطيين السوريينPartiya Kurdên demiqratên Surî وكان مجمل ما جاء في القسم السياسي عشر فقرات تتمثّل بما يلي: حماية الكرد من الظلم والضياع والعمل على تحقيق نظام ديمقراطي شعبي في سوريا وتوسيع الحريّات الديمقراطية، والتعاون مع كافة الشخصيات والأحزاب التقدمية في البلاد وصيانة حريّة الأراضي السورية وإيجاد وضع خاص للأكراد لتحقيق حقوقهم السياسية والاجتماعية والثقافية وتأييد نضال الشعب الكردي في تركيا وإيران والعراق وغيرها من البنود.

قام الحزب بنشاط سياسي في أرجاء البلاد، خاصّةً في أوساط الطلبة الدّارسين في دمشق والجزيرة، وسرت أخبار الحزب بين فئات المجتمع الكُردي، كما أصبح له أنصار في دمشق والجزيرة، وقد شجّعهم على ذلك كلّ من نورالدين ظاظا والأستاذ جلال الطالباني عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، الذي كان لاجئاً في سوريا، كما شجّعهم الشخصية الوطنية الفذّة الأستاذ عبدالله اسحاقي سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني في تلك الفترة، على الرّغم من أنّ حزب الكرد الديمقراطيين السّوريين لمْ يدم طويلاً، ولم يقمْ بنشاطٍ واسع بين الجماهير الشعبية، إلّا أنّه وضع اللّبنة الأساسية الأولى في تاريخ الحركة التنظيمية السّياسية في غربي كردستان، والخطوة الجريئة في الأوساط السّياسية السورية، بدءاً من الأحزاب السّورية القومجية، وحتى التي تدعي الأممية وانتهاءً بالسّلطات القومجية التي لا تعترف سوى بعروبيتها.

المرحلة الثانية

بدأت هذه المرحلة مع بدء اتصال أوصمان صبري المكلّف من قبل رفاقه مع المثقفين الكُرد السّياسيين في عفرين، الذين تركوا صفوف الحزب الشيوعي السّوري وهم: رشيد حمو، محمد علي خوجة، خليل محمد، وشوكت حنّان، فتمّ اللقاء بين رشيد حمو، الذي قدِم إلى دمشق نيابة عن رفاقه في عفرين، وأوصمان صبري، وذلك في ربيع عام 1957م، فبعد مناقشات طويلة تمّ التوصّل إلى صيغةٍ نهائية بين الطّرفين وانضمام رشيد حمو ورفاقه إلى الحزب بعد موافقة أوصمان صبري ورفاقه بالحزب على تغيير اسم الحزب وتعديل البرنامج واعتبار يوم تأسيس الحزب هو يوم عقد الاجتماع بين المجموعتين “مجموعة عفرين ومجموعة الحزب”، في ذلك يكتب رشيد حمو في كتابه [5]

” بعد تركنا لصفوف الحزب الشيوعي، عاد عثمان إلى الاتصال بي مرّة ثانية وعرض عليّ الفكرة من جديد، فالتقيت به في دمشق ودرسنا الموضوع من جميع جوانبه على ضوء الظروف القائمة في البلاد، فقبلت الفكرة هذه المرة، ولكني استمهلته بعض الوقت كي أدرس المسألة مع بعض الرّفاق، الذي كانوا قد خرجوا معي من صفوف الحزب الشيوعي في حلب.

وفي حلب درست المسألة مع كلّ من شوكت حنّان ومحمد علي خوجه وخليل محمد، فأبدوا استعدادهم للتعاون معنا والعمل على تأسيس الحزب المنشود، فأبلغت عثمان بالأمر وباشرنا بالعمل معاً في حلب ودمشق والجزيرة.

عقدنا نحن الرفاق السّبعة (عثمان صبري ورشيد حمو ومحمد علي خوجه وشوكت حنان وحميد درويش وحمزة نويران) عقد الاجتماع في حلب بتاريخ 14 حزيران 1957م، الذي اعتبر تاريخ ميلاد الحزب.”

في السّياق نفسه، كتب عبد الحميد درويش في كتابه (أضواء على الحركة الكرديّة في سوريا، الصفحة18) مايلي:

” في هذه الفترة اتصل عثمان صبري مع عدد من العناصر المعروفة في جبل الكرد، وفي ربيع عام 1957م، قدّم السّيد رشيد حمو إلى دمشق مندوباً عن رفاقه (محمد علي خوجة، شوكت حنّان، خليل محمد، والجميع كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي السّوري، بالإضافة إلى رشيد حمو، وكانوا ذوي ميول قوميّة، ولديهم الرّغبة للعمل في حزب كردي تقدمي.

وبعد نقاشات ومداولات مع رشيد حمو تمّ التوصّل إلى تفاهم معهم، على أنْ ينضمّوا إلى الحزب ويصار إلى كتابة برنامج للحزب باللّغة العربية، بعد أنْ كان قد كتب باللّغة الكرديّة وبالفعل تمّ ذلك، والتأم الاجتماع الأوّل بيننا يوم 14 حزيران 1957 في منزل السّيد محمد علي خوجة الكائن في سوق الخميس في حلب. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت اللّجنة المركزية تتألف من سبعة أعضاء هم :عثمان صبري وعبدالحميد درويش، حمزة نويران، رشيد حمو، محمد علي خوجة، خليل محمد، شوكت حنّان، وتمّ الاتفاق على أنْ يكون الرّابع عشر من حزيران يوم تأسيس الحزب، بعد أنْ وافق عثمان صبري على اقتراح الأخوة في جبل الكرد، على أنْ يكون اسم الحزب (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا)، بدلاً من(حزب الكرد الديمقراطيين السّوريين).

اجتمع الأعضاء السبعة من مختلف المناطق في حلب، والأعضاء هم: أوصمان صبري، عبدالحميد درويش، حمزة نويران، رشيد حمو، خليل محمد، شوكت حنان، محمد علي خوجة، وكان السّيد كمال عبدي، الذي كان أصغر سنّاً منهم حاضراً معهم، حيث كان يخدمهم بما يلزمهم من خدمات، وفي ذلك يقول السيد كمال عبدي ما يلي:

” اجتمع الرّفاق في بيت محمد علي خوجة بحلب، الواقع بسوق الخميس في 14 حزيران عام 1957م، وهم: أوصمان صبري المقيم في دمشق، عبد الحميد درويش وحمزة نويران من الجزيرة، رشيد حمو وخليل محمد وشوكت حنّان ومحمد علي خوجة من عفرين، وأسّسوا الحزب باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني”.

وذكر السّيد رشيد حمو [6]: وفي هذا الاجتماع انتخب عثمان صبري سكرتيراً للحزب وعهد إلى الرّفاق الأربعة في حلب (رشيد حمو ومحمد علي خوجه وشوكت حنّان وخليل محمد) القيام بمهام المكتب السّياسي للحزب، كونهم أقدر الرفاق الموجودين وأكثرهم كفاءةً في إدارة أمور الحزب، قد اكتسبوا تجربة نضاليّة غنية في هذا الميدان أثناء نشاطهم في صفوف الحزب الشّيوعي.”

انبثق عن هذا الاجتماع تأسيس الحزب، وتمّ الاتفاق على أنْ يكون 14 حزيران يوم تأسيس الحزب، وكذلك تمّ وضع برنامج ومنهاج للحزب، وقد كُتب باللّغتين الكرديّة والعربيّة، واتخذ شعار له هو تحرير وتوحيد كردستان، بقي أمام مؤسّسي الحزب أنْ يعملوا على انضمام الشخصيات والجمعيات الثقافية المتواجدة على الساحة في غربي كردستان، فبعد شهور، أي نهاية عام 1957م انضم الشيخ محمد عيسى إلى الحزب وفي بداية عام 1958م انضم الدكتور نورالدين ظاظا، وبذلك أصبح عدد أعضاء اللجنة المركزية تسعة أعضاء (تم تسمية المؤسسين بأعضاء اللجنة المركزية مجازاً، لأنّ الحزب لم يعقد مؤتمراً ولم يكن اختيارهم من قبل أعضاء المؤتمر) وبموافقة الأعضاء التسعة تمّ تعيين الدكتور نورالدين ظاظا رئيساً للحزب” وهذا متفق عليه في جميع المصادر”، أمّا عن تعيين رشيد حمو سكرتيراً للحزب يذكر عبد الحميد في كتابه “المصدر السابق الصفحة 50 ” ولا نجد هذا الخبر مذكور عند سواه من المصادر، فما كتبه السّيد محمد ملّا أحمد في كتابه “صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني الكردي في سوريا، القسم الاول”

نقلاً عن عبد الحميد فيقول: وفي هذه الفترة عرض قادة البارتي على الدكتور نورالدين ظاظا الانضمام إليهم، لكنّه تمهّل، واشترط لذلك الوحدة مع البكوات، كما يقول حميد حاج درويش ” 14 ” لكنّه في النهاية وبعد قرابة سنة ، قبل عرض القيادة، وانضمّ إليهم ( في صيف عام 1958)، وأصبح رئيساً للبارتي وعثمان صبري سكرتيراً” من خلال ما ذُكر، يظهر مصدران، الأول: أنّه تمّ تعيين رشيد حمو سكرتيراً، والمصدر الثاني يقول: أنّه تمّ تعيين أوصمان صبري سكرتيراً، لكنّ بقيّة المصادر تؤكّد بأنّه تمّ تعيين أوصمان صبري سكرتيراً، وعهد إلى الرّفاق الأربعة في عفرين\حلب وهم:(رشيد حمو، محمد علي خوجة، خليل محمد، شوكت حنّان) القيام بمهام المكتب السياسي للحزب.

التنظيمات الكرديّة التي انضمت للحزب

من التنظيمات النّشطة التي كانت لاتزال تعمل بجد حسب إمكاناتها في ساحة الجزيرة جمعية وحدة الشّباب الديمقراطيين الكُرد، التي أسّستها مجموعة من المثقفين وأصبح لها أعضاء في مختلف مناطق الجزيرة، فقد تمّ التواصل معهم بهدف ضمّهم إلى صفوف الحزب، وقام بهذه المهمة حمزة نويران و سعد الله إيبو، يساعدهم الشيخ محمد عيسى، فكانت تجري النقاشات في بيت الشيخ محمد عيسى الكائن في حي قدور بيك في قامشلو، وقد لعب جلال الطالباني (الذي كان لاجئاً في سوريا) والدكتور أحمد نافذ دوراً هاما في إقناع قياديي الجمعية بالانضمام إلى الحزب لما في ذلك مصلحة للشعب الكردي، لتوحيد القدرات وتوظيفها لخدمة القضيّة الكرديّة في غربي كردستان، فبعد حوارات بين الطرفين، وافقت قيادة الجمعية الانضمام كاملاً إلى الحزب دون قيد أو شرط، وأخذ كلٌّ منهم (أي أعضاء الجمعية) مكانه بما يناسبه ضمن هيئات الحزب.

أمّا عن كتلة آزادي (وهذا ماذُكر في بعض المراجع بحزب آزادي)، الذين تركوا صفوف الحزب الشيوعي السّوري في أواخر عام 1957م وهم:( الشاعر جكرخوين، محمد فخري، زبير حسن، مجيد حاجو، عثمان عثمان، بشير ملّا صبري وملّا شيخ موس قرقاوي، ملّا شيخي) نتيجة خلافات ذكرناها سابقاً، نتيجة الاتصالات والمناقشات والحوار التي دامت أشهر، قرّرت القيادة والأعضاء حلّ الكتلة وانضمام أكثريّة الأعضاء إلى الحزب الديمقراطي دون شروط، فقررت اللّجنة المركزية للحزب ضم الشاعر جكرخوين إلى عضويتها وتنظيم بقيّة الرّفاق في مواقع تناسبهم وإمكانياتهم، وعن أعضاء جمعية المعرفة والتعاون الكرديّة، التي أسّسها نوري ديرسمي في حلب، فقد تمّ التواصل معهم ومحاولة إقناعهم بالانضمام إلى صفوف الحزب، لكنّهم أبوا أنْ ينضّموا إلى الحزب وبقيت الجمعية في نشاطها لفترة، وبذلك دخلت الحركة الوطنية مرحلة التنظيم السياسي، وأصبح للحزب قاعدة جماهيرية واسعة تبدأ من عفرين وحلب ودمشق وتنتهي بمناطق الجزيرة يقودها شخصيات مثقفة وطنية أكفاء.

[1] عبدالحميد درويش في كتابه “أضواء على الحركة الكرديّة في سوريا” الصفحة 15

[2] مجلة الحوار – عدد 60- 61

[3] مجلة الحوار- العدد ( 60- 61 ) – صيف وخريف 2008

[4] المسألة الكردية في سوريا الصفحة47

[5] المسألة الكردية في سورية – رشيد حمو – الصفحة 48

 

[6] المصدر السابق – الصفحة 48

كاتب

التعليقات مغلقة.