مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

افتتاحية العدد 44

لا تفتأُ أسرة مجلة الشرق الأوسط الديمقراطيّ أبداً في البحث عن الجديد، وسبل تطوير هذه المجلة، من خلال مواكبة الأحداث المتطوّرة في الشرق الأوسط، ومواءمة التغييرات الفكرية العالمية التي تبحث في تغيير ذهنية الشرق الأوسط، والبحث والتمحيص في محاولات الدول في فهم هذه البقعة الجغرافيّة التي خرجت منها البشرية جمعاء، وخرجت منها الحضارات والأثنيات والأديان، وكانت موطن الميثيولوجيا أيضاً.

حاولنا في هذا العدد أن نتطرّق إلى محورَين مهمّين عوضاً عن التركيز على محور واحد، واعتمد المحوّر الأوّل في هذه المجلة على الرأسمالية العالمية وحروبها في الشرق الأوسط ونتائجها المستقبلية، أمّا المحور الثاني فقد ركّز على الصراع الدولي على سوريا، والإستراتيجبة الأميركية، وأبعاد السياسة التركية على المنطقة، والحلول والآليات لإنقاذ سوريا والشرق الأوسط.

هناك ترابط وثيق ما بين هذين المحورَين، وإن كانتا مختلفة العناوين، فالهيمنة الرأسمالية العالمية على النظام العالمي منذ قرنين حتى الآن، أمّا ثقافة الشرق الأوسط فقد دامت أكثر من ٣٠٠ ألف عام على وجه التقريب، وهناك صراع كبير ما بين الإسلام الثقافي والحداثة الرأسمالية المتجسّدة في الإسلام السياسي (المشروع الذي باء بالفشل)، فحروب الحداثة تقع في حقل الثقافة المجتمعية، والنزعة الإسلامية السياسية بصفتها قوموية سائدة في العالم العربي، وهناك نقاط تشابه فيما بينها وبين القوموية العلمانية ودوليتها القومية والتي تستغل الإسلام الثقافي.

لا شكّ أنّ الرأسمالية المالية التي بدأت من أعوام ١٩٧٠، وفكرتا نهاية التاريخ ونهاية الأيديولوجيا، قد ظهرت بوادر الأزمة البنيوية للرأسمالية، فالحداثة الرأسمالية وأركانها الثلاثة (الربح الأعظمي، الدولة القومية، الصناعوية) كانت لها تأثيراتها الكبيرة على الشرق الأوسط، فقد قسّمت الوطن العربي على سبيل المثال إلى دويلات قومية، والنظام الاقتصادي الإسلاميّ والرأسماليّة.

فالنفوذان؛ الروسي والأميركي في المنطقة بات واضحاً، وسوريا على وجه الخصوص، وهناك إستراتيجية جديدة للولايات المتّحدة الأميركية في الشرق الأوسط، وما هي أوراقها ضمن الجوّ العربيّ والإسلامي في العراق وسوريا والخليج؟ فكيف ستتعامل مع الملفات الشائكة في المنطقة سوريا والخليج وإيران وتركيا، وما هو مستقبل سوريا؟ وما هي آفاق الحل؟ فما هو مفهوم الحوكمة وأهدافها؟ وأسلمة الدولة السوريّة وتداعيات المرسوم 16.

ولا ننسى عفرين المحتلّة، فهناك مادّة توثيقية لعام من الحرب التركية عليها، والمختطفين قسراً والمختفين قسراً ومئات الآلاف من النازحين والتغيير الديموغرافيّ، وسلّطت مادّة الضوء على الدولة القومية الشيعية الإيرانية ودورها في الشرق الأوسط.

تشكر هيئة تحرير مجلة الشرق الأوسط الديمقراطيّ كلَّ من ساهم في إنجاح هذا العدد.

كاتب

التعليقات مغلقة.