مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

صفحات من حياة سافرة جميل حافظ

حوار حنان العزاوي
في حوارنا مع مثقفتا البارزة حول مواضيع الإبداع والثقافة، وهـي امـرأة عـراقـية أديبة وقـاصة، ولـدت في العام 1930، تخرجت من كليـة الأداب والعلوم سنة1954. كتبت القـصة في سنين حياتـها المبكرة لتدشن نشاطها الأدبي في اوائل الأربعينيات بقصة حملت عنوان(حصة الكلب) عملت في العديد من الصحف العراقية كصحيفة (البلاد) وصحيفة الأخبارإلى جانب عدد أخر من المجلات، أديبـتـنا هي سافرة جميل حافـظ فكان لنا هذا الحوار معها.

في جريدة البلاد وبالأخص صفحة المرأة التى كنتِ تشرفين على تحريرها، كيف كان الإعلام يتعامل في تلك المرحلة مع المرأة االأديبة أو المرأة بشكل عام؟

حينما ننظر إلى وضع المرأة في المرحلة المعاصرة، نرى بإنها لم تصل لنضوج الكافي في المعرفة والوعي بحقوقها، في وقتنا الحاضر حاولت أنا وغيري من جماعات أخرى في كتاباتنا أن ننبه المرأة إلى أنها إنسانة، يجب أن يكون لها كيان في المجتمع، فهي مُنتهكة الحقوق ليست فقط في البيت وإنما في سائر المجتمع، وفي هذا الأمر يحتم على الجميع أن يتقدم. كان احد أهداف(منظمة الدفاع عن حقوق المرأة ) الدفاع الوطني ـ السيادة الوطنية، فكان إلى جانب ماذكرناه عن حقوق المرأة ونضالاتها، نرشدها إلى النضال للمطالبة بحقوقها الوطنية ضد الإستعمار من أجل الاستقلال الوطني.

ماكتبه (معن) وحديثه عن المرأة في تلك الفترة يقول: وضعن همومهن تحت محفزات تسوير العمل النسوي متذرعات بالادب والشعر من جهة وبالصحافة والعمل الجمعي الاجتماعي والصحي من جهة اخرى، ولكننا قد تصادمنا اكثر من مرة، ومع اكثر من جهة مع السلطة ممثلة بالاجواء الكدرة للإنتخابات النيابية في وقتها .
ملامح واضحة النهاية في الفكر العملي، ماذا يقصد معن عندما يقول: لم يكن للرجل ملامح واضحة فترة الثلاثينات ؟

انا لااؤيد هذا الرأي، بالعكس أن مجتمعنا مجتمع رجولي، مجتمع إسلامي عربي ومجتمع متخلف في أغلب الأحيان، فهو منذ عهد حمو رابي مجتمع أبوي متسلط. منذ أن ذهبت الألهة الأم وأندثرت، ومع سيطرة الاله الرجل عليها أصبح الملك الذي هو الأ له، والأب ضمن العائلة أصبح رب والسيد في العائلة منذ ذلك الوقت وإلى الأن، والرجل ليس مسيطر في المجتمع العربي فقط بل في المجتمعات العالمية كلها، أنا لاأعتقد الأن بوجود سيطرة نسائية أو أنها أخذت كامل حقوقها في منطقة من مناطق العالم. بل لا تزال نضالات نسائية تستمر بنضالاتها في يومنا الراهن و نشاهدها يوميا، كمثل أزدياد حوادث الطلاق كما تحدث في انكلترا. كما نرى وجود الكثير من العلاقات الزوجية غير ناجحة وضرب الزوج لزوجته، هذه الأمثلة لا أؤلفها من عندي، وإنما وقائع. ففي اليوم الواحد تحدث35 واقعة ضرب للمراة، ففي امريكا أثناء كل 25 دقيقة يتم حادثة طلاق في انكلترا. قد تكون هذه الإحصائيات غير دقيقة لكنها موجودة. من ناحية أخرى نجد حوادث دائمة كإضراب الممرضات أو المعلمات.
لماذا؟
لأن الأجور تعطى بشكل غير متساوية، في العراق المعلمات والعاملات يحصلنا على أجور متساوية. و أما في انكلترا لا يوجد أجور متساوية، فهذا تناقض بحد ذاته. تكون المرأة كقوة إحتياطية، حينما يقوم الرجل بالإضراب، و يضرب العامل عن العمل يأتون بالمرأة ويضعونها في مكانه و يعطوها أجور ناقصة تعادل نصف إجرة الرجل، لكن المرأة وعت هذا الأمر و بدأت تضرب و تناضل بجانب الرجل. ونتيجة جهدها ذاك أصبح للمرأة يوم يدعى بيوم المرأة العاملة و هذا مشهور في امريكا.
نعود لنتحدث عن رابطة المرأة العراقية التي كانت تسمى في ذلك الوقت رابطة
(الدفاع عن حقوق المرأة) ، رابطة المرأة في ذلك الوقت ساهمت بشكل كبير في اعداد الدستور ما بعد ثورة 1958. حسب ماأعتقد، ليس الدستور إنما قانون الأحوال الشخصية ؟ كيف أثمر هذا النضال وكيف كان شكل هذا النضال النسوي الذي حقق هذا القانون في ذلك الوقت ؟
أولاُ جاء ذاك القانون نتيجة نضال المرأة الشابة في ذلك الوقت. كنا نناضل سريا، وكانت الرابطة من ماشبه ذلك أي عمل من ذاك النوع يكون تحت طائلة هذا القانون الذي يؤدي إلى الإعتقال أو السجن، كانت كل الأعمال الخاصة بنا سرية، برغم هذا جمعناأغلبية النساء العراقيات، هذا يدل على إن المرأة واعية وتحب أن تكون من الممارسات وتكون لهن حقوقهن التي سلبت في أكثر القرون، نتيجة لهذا النضال عندما قامت ثورة 1958 ظهرت المنظمات إلى العلن حينها قدمنا مشروع إلى الحكومة كان في زمن عبد الكريم قاسم. وهو قانون الأحوال الشخصية وهو قانون تقدمي جدا، ولو أنه لم يعطي المرأة كافة حقوقها، نحن بدورنا لانزال نصبوا إلى حقوق أفضل، ولكن جزء من هذه الحقوق التي كانت منسية يعني مغطاة، لايريد المجتمع أن يتعرف عليها فأمّنا قانون الأحوال الشخصية. لكن مع الأسف بالحروب التي مرت علينا بالممارسات الغير شرعية التي ذاقها شعب العراق خلال 35 سنة ــ هذا القانون، و نريد ان نعيد الشئ الأحسن والأفيد للمرأة العراقية.

بالنسبة إلى المرأة العراقية الأن كيف وجدت إعتصام النساء الأن في ساحة الفردوس ومثله إعتصام آخر لنساء كردستان في اربيل وهن يطالبنا بحقوقهن كيف ترين هذا النشاط وكيف ترين هذه الحركة النسوية في ظل هذا الظرف الصعب ؟

انا ٌٌأحيّ كل الجهات المعتصمة

لماذا؟

احيِّ الروح الديمقراطية التي شدت المجتمع والتي جعلت النساء يخرجنا و يطالبنا بحقوقهن ويتحدثن عما يطالبنا به، نضال المرأة سوا في تعبيرها عن افكارها سواء كانت هذة الافكار متشابهة او غيرمتشابهة هي صراع فكري، وهذا الصراع الفكري يؤدي إلى تطور يفيد المجتمع. الدين الإسلامي أعطى للمرأة حقوقها ونحن إذا ما درسناه دراسة جيدة نجد أنه يحترم المرأة شديد الأحترام مثلا يقول: في سورة الممتحنة (يا أيه النبي اذا جأك النساء يبايعنك المبايعة) هذا يعني التصويت، فهذا موجود في القرآن الكريم وأصبح حق من حقوق المرأة، الحق الثاني هو العمل( الحق للرجل فيما يكسب والحق للمرأة فيما تكسب) معناه أعطى للمرأة حق العمل فإذا درسنا هذا كله وإذا لم نتحيزإلى جهات أخرى نرى أن الدين الإسلامي والتفسيرات الإسلامية تأخذ في تطور المرأة، كمايقول :”علي بن أبي طالب عليه السلام” (لاتعلموا أولادكم مثل عاداتكم فإن لهم زمان غير زمانكم )هذا يعني سوف نتطور في هذا الزمان و سنأتي بأفكار جديدة، وهذه الأفكار الجديدة من سيتبناها ؟ سوف يتبناها الجيل الجديد . إذا هو يحتاج إلى أشياء جديدة،الأن نحتاج إلى جانب القرآن الكريم إلى تطور الحقوق والقوانين كحقوق الأنسان هيئة الامم المتحدة وغيرها من الشرائع والأديان التى تكفل للمرأة حقوقها وتجعلها عضو فعال ليس فقط في المجتمع بل في داخل الأسرة أيضاً

هناك بعض دراسات التي تتحدث عن الشرائع التي كتبها حمورابي، الكثير منها أثنى على هذه الشريعة ووصفها بإنها هي التي نظمة حياة الناس في وقتها وأعطت حقوق الكثيرين، كيف ترين المرأة وحقوقها في شريعة حمورابي؟
كثيرا ما تم الحديث عن شريعة حمورابي، وضعت هذه الشريعة في وقت صار فيه إنحسار تام مثلما ذكرت أنفا، الألهة الأم تعني في الوقت الذي كانت فيه المرأة المسيطرة على المجتمع والمحترمة فيه، أنتقل المجتمع من سيطرة الآلهة الأم إلى سيطرة الإله الأب الذي يمثله الملك الذي يأخذ سلطته من الإله، سابقا كان يوجد قوانين لكنها اندثرت وتبقى قسما منها في يومنا. ولكن لم يحتفظوا بها مثلما أحتفظوا بشريعة حمورابي، ثبتت شريعة حمورابي مع الأسف حقوق أصبحت مقدسة بالنسبة للنساء مع إنها لم تعطي المرأة حقها، الكامل فأصبحت السيادة على المرأة تنتقل من الاب إلى الاخ ومن ثم الزوج. ولم يكن لها نصيب بالإرث أيضا، انحسرت حقوقها في الطبقات المتميزة فقط، هذا الذي أعطته شريعة حمورابي، على الرغم من وجود بعض المسائل الجيدة في شريعة حمورابي بالنسبة للمرأة، لكن أعتقد أن هذه القوانين التي وضعها والتي ثبتت أثرت على الكثير من الشرائع التي جاءت بعدها، لم تكن في صالح المرأة، فـأنا لاأعتقد أن شريعة حمورابي هي شريعة مع المرأة، أعتبرها ضد المرأة .
مادمنا نتحدث عن العبودية والإستبداد هناك بيان وقعته قبل شهر تقريبا، يعلن تأسيس( المنبر الثقافي) الذي يحذر بيانه من عودت الإستبداد و يحتج على المسار السياسي في البلاد.
ما هو المنبر الثقافي في العراق؟ ما هو دوركم فيه و لماذا وقعت عليه؟ولأجل ماذا؟
ثقافيا في كل أدوار النهضات الثورية العالمية كان لهم قصد السبق و كان لهم قصائدهم و إحاديثهم و خطاباتهم المنبر الرائد لتحريك الجماهير نحو الأحسن، ماذا نريد للعراق، كلنا نحب العراق، نرغب أن يكون للعراق دور تقدمي و سيادي بالنسبة لكل الدول العربية والعالم. وعلى هذا الأساس انا أفضل الديمقراطية و التكلم بالروح الديمقراطية والمساواة وأن تكون الصراعات الفكرية هي صراعات سلمية بين مختلف الأجناس سواء كانت دينة أو مذهبية أو سياسية. و نتوصل من هذا المنبر السياسي إلى نتائج جيدة في صالح الشعب العراقي لا نريد للشعب العراقي التخلف، بل لايوجدأحد يريد لشعبه التخلف. كل الشعوب تريد لنفسها التقدم و نحن من ضمن هذه الشعوب التي يجب أن نتقدم.
أجرى اللقاء
حنان العزاوي

كاتب

التعليقات مغلقة.