مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

قراءة فى مفهوم التطرف والإرهاب وأسبابه فى الشرق الاوسط

د. جلال زناتي

جلال زناتي
جلال زناتي

أستاذ التاريخ والفكر السياسى

قسم التاريخ  – جامعة الإسكندرية

توطئة

أن تقتل عدوك لمجرد أنك مختلف معه سياسيًا أو فكريا، وتنهي حياته لهوَ أمر نهت عنه الأديان السماوية والقوانين وأعراف الدول التي تحترم إنسانيتها، لكن لا شيء يبدو معلقًا في الفراغ، وكلّ حادثة اغتيال يترتب عليها مصير شعوب وفرق وجماعات، ولربما يتغير على إثرها العالم كله، وكل طلقة تمثّل سطراً جديداً في التاريخ، وإن كان الأغلب أنّه سطر تعقبه صفحات من الدماء.

وعن أشهر فرق الاغتيالات المتطرفة فقد كان الأمر في البداية مجرّد اتفاق لتحقيق مكاسب سياسية، أو من أجل الأموال من خلال تأجير شخص يقوم بتلك العملية أو يتطوع أحد بهذا الأمر، كما حدث مع الخليفة علي بن أبي طالب وغيره على مدى التاريخ، إلّا أنّها تحوّلت إلى نهج وفرق يتم تأسيسها خصيصاً من أجل اغتيال الخصوم، كما أصبحت أذرعًا لبعض الأحزاب، وفي أوقات أخرى أذرعًا لأجهزة مخابرات الدول، وكلّها لا تخلو من شبهة التمويل التي تشترك مع تلك الفرق في نفس المصالح، فجماعة الحشاشين (القتل باسم العقيدة من منطلق أن المخالف هو كافر) كانت عقيدة أول من استخدمها حسن الصباح المؤسس لفرقة “الحشاشين” والذي اتّخذ من قلعة آلموت في إيران مقرًا له، قبل أن يؤسس فرقته التي أراد بها أن يستولى عن الحكم باسم الدين، وكان شرط الانضمام إلى الحركة قسم الولاء قبل أن يؤسس قسماً خاصًّا لاغتيال المعارضين، وكان ضمن من اغتالتهم تلك الفرقة جناح الدولة حاكم حمص، إلى جانب قتل الشافعي وأبو جعفر المنصور. أمّا الأخوان – التى خرج من رحمها كافة الجماعات الإرهابية، من حسن الصباح إلى حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان لم يختلف الأمر كثيرًا، فقد تبنّى مؤسس الجماعة نفس النظرية من قتل المخالفين أو المعرقلين لمشروع الإخوان، ثم كان إنشاء التنظيم الخاص الذي رأسه في البداية عبد الرحمن السندي وكان مسؤولًا عن عدة عمليات اغتيال أشهرها اغتيال رئيس الوزراء الأسبق محمود فهمي النقراشي، والقاضي أحمد الخازندار، ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. وكان لأعضاء التنظيم الخاص بجماعة الإخوان قسم خاص غير قسم الجماعة ويتم اختيارهم من أشد المتحمّسين للدعوة ويخضعون لتدريبات عسكرية، أمّا النظرة الفقهية فكان إنّ من يحارب الجماعة يحارب الدين، ومن ثم وجب قتله. وهو الأمر الذي تنتهجه الجماعة الآن بعد ثورة 30 يونيو 2013 م حيث عادت مرة أخرى لاغتيال الشخصيات الوطنية من رجال الجيش والشرطة والقضاء وتوجيه عملياتها للمدنيين العزل تارة أخرى، أمّا فرقة البطة أو الموت فكانت هي الأخرى من أشهر فرق الاغتيالات التي ظهرت في العراق، وتحديدًا في مدينة البصرة عام 2006 وهي فرقة ينتمي مؤسسيها إلى المذهب السني في العراق، وكانت أشهر عملياتهم تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، وكان لفرقة الموت بعض العادات لعل أشهرها مواعيد القتل، فكانت موجات القتل تشتدّ في الأسبوع الأول من كل شهر، والأسبوع ما قبل الأخير منه، وهناك فرقة الموت وهى إحدى أشهر الفرق التي نظمت الاغتيالات في كينيا وخارجها، وهي فرقة تابعة متطرفة للشرطة الكينية كما اعترف عدد من الضباط الذين عملوا في تلك الفرقة في تقارير صحفية، واعترفوا أن الفرقة نفّذت إعدامات خارج القانون ضمن متطرفين إسلاميين، واعترف أعضاء الفرق أنهم شنّوا حملة لتصفية كل المعارضين لهم، وكان من بين من شملتهم التصفيات الجسدية، داعية مسلم يدعى؛ ماكابوري، وهناك الكيدون؛ وتعني الخنجر بالعبرية الذي يغمد، وهي اسم وحدة ضمن قسم العمليات الخاصة في الموساد والتي تم تأسيسها خصيصًا من أجل اغتيال وإرهاب المعارضين، فيتمّ تدريبهم على الوصول للهدف من أول مرة، وتعد تلك الفرقة هي المجازة في العالم لتنفيذ الاغتيالات بمعنى أنّ الدولة تعترف بأن لديها تلك الفرقة، ويتمّ تدريب عناصر كيدون على كيفية التعامل مع السلاح وحماية ذاتهم إلى جانب الاستهانة بالموت، وفي لقاء مع جريدة معاريف الإسرائيلية يقول أحد المتدربين: “تعلمنا أنه لا يوجد مشاهد بريء في موضع يحدث فيه إطلاق النار، فالمشاهد سيرى موتك وموت شخص آخر، فإذا كان موتك، فهل تهتم إذا أصيب بالجراح ؟ بالطبع لا، إن الفكرة هي البقاء – بقاؤك أنت، يجب أن تنسى كل ما كنت سمعته عن العدل، ففي هذه المواقف إمّا أن تكون قاتلًا أو مقتولاً، وواجبك أن تحمى ملك الموساد، أي أن تحمى نفسك، ونفذت تلك الفرقة عمليات كثيرة منها اغتيال وائل زعيتر ممثّل منظمة التحرير الفلسطينية في إيطاليا، وحسين بشير ممثّل فتح في قبرص، بجانب الدكتور ياسر القبوسي أستاذ القانون بالجامعة الأمريكية ببيروت.

ولا شك أنّ في التطرف وما يترتب عليه من إرهاب تهديدٌ لأي مجتمع، فهو يقوّض السلام والأمن، وأبسط حقوق الإنسان في الحياة الآمنة والتنمية المستدامة، ولا يسلم أيّ بلد أو منطقة من آثاره. وهو ليس بالأمر الجديد، ولا يقتصر على منطقة أو جنسية بعينها، أو على نظام عقائدي معين، فنجد جماعات إرهابية، مثل: إيتا وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وتنظيم القاعدة، وجماعة بوكو حرام وغيرهم، تتشكل من العديد من الجنسيات والطوائف. وما من شيء يبرّر الإرهاب والتطرف، لكن علينا أن نعترف أيضًا بأنّه لا ينشأ من فراغ، فالمجتمعات غير المستقرة تُعد مشاركًا فاعلًا في أسبابه. ورغم صدور تعريفات عدة للإرهاب منها، ما ورد بقاموس أكسفورد البريطاني، وهو: “استخدام أعمال العنف من أجل تحقيق أهداف سياسية أو لإجبار الحكومة على تصرف معين”. وعلى الرغم من أنّ الأمم المتحدة لم تصل إلى تعريف نهائي مُعترف به دوليًا، إلّا أنها تواصل محاولاتها، وآخر نجاحاتها، ما صدر بقرار مجلس الأمن رقم  1566  – الصادر عام 2004 م، بشأن الإرهاب ونصّ على أنه “أعمال إجرامية ترتكب ضد المدنيين بقصد القتل، أو إلحاق إصابات جسمانية خطيرة، أو احتجاز رهائن؛ بغرض إشاعة حالة من الرعب بين عامة الجمهور أو جماعة من الأشخاص أو أشخاص معينين، أو لتخويف جماعة من السكان؛ بهدف إرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بعمل ما أو عدم القيام به “.أمّا منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) فقد عرّفت الإرهاب بأنه “الاستخدام غير القانوني أو التهديد باستخدام القوة أو العنف ضد الأشخاص أو الممتلكات، في محاولة لإرغام أو تخويف الحكومات أو المجتمعات؛ لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية “. ورغم تعدّد وتداخل الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب، إلّا أنه يمكننا تلخيصها في أسباب: اجتماعية، واقتصادية، وسياسية وأمنية، فضلًا عن أسباب خارجية دولية وإقليمية.

المبحث الاول : مفهوم التطرف والإرهاب

تُعدّ ظاهرة التطرف والإرهاب واحدة من أهم القضايا السياسية والأمنية التي تواجه الشرق الأوسط، كما أنّ التطرف الدينى والفكرى يتطلب تضافر الجهود المجتمعية للتصدّي لها، إلى جانب ضرورة دراسة وتحليل هذه الظاهرة للوقوف على أسبابها، وتداعياتها وسبل مكافحتها. ومن خلال الاضطلاع على الأبحاث والدراسات العلمية سواء بالمكتبات العامة أو الخاصة وكذلك عبر شبكة المعلومات نلاحظ تراجع عدد الدراسات والأبحاث الحديثة في موضوع الإرهاب وتداعياته السياسة والأمنية في الآونة الأخيرة [1] ، لذا فإن البحث الحالي يفتح الباب أمام العديد من الأبحاث والدراسات لمعرفة كل ما هو مستحدث وجديد في موضوع الآثار الأمنية والسياسية للإرهاب. ويهدف المبحث بشكل عام إلى معرفة أهم تداعيات وآثار ظاهرة الإرهاب السياسية والأمنية، وانطلاقاً من هذا الهدف العام توجد مجموعة من الأهداف الأخرى والتي يحاول المبحث الحالي تحقيقيها، وعن الإرهاب صوره وأنواعه وأساليبه.

أولاً: مفهوم التطرف و الإرهاب:

يعد مفهوم التطرف Extremism من المفاهيم التى يصعب تحديدها نظرا لما يشير إليه مفهومه من المعنى اللغوى للتطرف وهو تجاوز حد الاعتدال، وحد الاعتدال نسبى حيث يختلف من مجتمع إلى آخر، وذلك وفقًا لنسق المجتمع السائدة فى كل مجتمع، فالاعتدال والتطرّف مرهونان بالمتغيرات البيئية والحضارية التى يمر بها المجتمع، وقد فسّر التطرف على أنه “اتخاذ الفرد موقفًا متشدّدًا فى استجابته للمواقف الاجتماعية من حيث القبول أو الرفض بما يعد خروجًا على القواعد الفكرية والقيم السلوكية فى المجتمع” ويرتبط مفهوم التطرف بمفهوم الدوغماطيقية Dogmatism والتعصب حيث يرتبط بلفظ الجمود العقائدي والانغلاق العقلي، ويتبنّى التطرّف اتجاها عقليا وحالة نفسية تسمى بالتعصب Prejudice ضد قيم المجتمع وادّعاء الأفضليات [2]. وبذلك يكون الإرهاب نتيجة حتمية لهذا التطرف، وتعريف الإرهاب في اللغة: كلمة إرهاب مصدر للفعل أرهب يرهب، بمعنى: أخاف وأفزع، والفعل أرهب رباعي بزيادة الهمزة على أصله الثلاث رهب. وأرهبته ورهبته، واسترهبته: أزعجت نفسي بالإخافة، والإرهاب بالكسر: الإزعاج، والإخافة، تقول العرب: يقشعر الإرهاب إذا وقع منه الإرهاب[3]. إن التعريف البسيط للإرهاب يعنى ذلك الفعل الخطأ غير الشرعى الذى يحمل الشر والجريمة، وتزايد الاهتمام به على المستوى الإعلامى منذ أحداث 11 سبتمبر 2011م[4]. وأصل كلمة terrorism من الكلمة اللاتينية terror وهي بمعنى الفزع والخوف، والقلق المتناهي غير المألوف، وأول ما ظهرت في اللغة الفرنسية بلفظ Terrorisme[5]. أما تعريف الإرهاب من منظور سياسي: يُعرّف الإرهاب من وجهة النظر السياسية بعدة تعاريف منها: [6]. هي أعمال العنف التي ترتكب من أفراد أو التي تعرض للخطر أرواحاً بشرية برئية أو تؤدي لها أو تهدد الحريات الأساسية. أو هو جريمة ذات أهمية دولية وهي ترتكب من شخص غير شرعي أو يسبب إضرار بالبدن أو يخطف شخصاً آخر أو يحاول ارتكاب مثل هذه الأفعال أو يشترك مع شخص يرتكب أو يشرع في ارتكاب هذه الجرائم، وأن مشروعية السبب لا تضفي الشرعية ذاتها على استخدام أشكال معينة من العنف بصفة خاصة ضد الأبرياء. فى حين تعريف الإرهاب الدولي: هو استخدام العنف والقوة في إطار منظم، وغير مشروع، يرتكبه فرد أو دولة ضد أشخاص، هيئات، أو مؤسسات، أو ممتلكات تابعة لها بهدف التأثير على السلطة أو المدنيين، وذلك من خلال نشر الرعب والخوف، من أجل تحقيق أهداف معينة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية، أم اجتماعية، وأن يكون هذا الاستخدام للقوة والعنف لغير الدفاع عن النفس، أو الدين أو مقاومة العدوان والتحرّر من الاحتلال[7].أما عن أسباب الإرهاب والعنف فلها عدة أسباب منها الانقسامات الفكرية لدى العالم الاسلامى ومعارضة التيار الديني المتطرف للمدنية الحديثة وتشويه صورة الإسلام فى الغرب وعدم وجود حوار بنّاء من خلال المؤسسات الإعلامية، الفقر ونقص الثقافة الدينية التسيب الدولي ورعاية بعض الدول للجماعات الإرهابية، وممّا ساعد على تفشّي تلك الظاهرة الإعلام والدعم المالى الذى تتلقاه تلك الجماعات[8]. وعن أنواع الإرهاب: فمع تعدّد صور وأشكال الإرهاب، واختلاف أهدافه ونطاقه والمتضررين من العمليات الإرهابية، نجد أن هناك العديد من التصنيفات والتقسيمات التي وردت في أشكال وأنواع الإرهاب، فهناك من قسم الإرهاب لإرهاب دولة، وإرهاب فرد أو جماعة أو منظمة، وهناك من يقسمه إلى إرهاب محلي، ودولي وإقليمي. ومن أهم أنواع الإرهاب ما يلي: النوع الأول الإرهاب المحلي: هو الذي تقوم به الجماعات الإرهابية ذات الأهداف المحددة في نطاق الدولة، والذي لا يتجاوز حدودها، ولا يكون له ارتباط خارجي بأي شكل من الأشكال، كأن ينتمي القائمون بالعمل الإرهابي وضحاياه إلى جنسية الدولة التي وقع بها العمل الإرهابي، وأن تنحصر نتائج ذلك العمل الإرهابي داخل حدود الدولة ذاتها، وأن يتمّ التخطيط والإعداد والتمويل لذلك العمل الإرهابي في نطاق السيادة القانونية والإقليمية لتلك الدولة، وألّا يكون هناك أيّ نوع من الدعم المادي أو المعنوي من الخارج[9]. كجماعة أنصار الجهاد فى سيناء وإن كان للأمر أبعاد أخرى دولية الآن. أما النوع الثاني الإرهاب الإقليمي: ممّا لا شكّ فيه أنّ الإرهاب يُعدّ الآن أحد حقائق العصر الذي نعيشه، بل وأن دوره على حدً قول بعض الكتاب قد أصبح يتعاظم بتقلّص المجال المتاح للحروب التقليدية نتيجة للتوازن النووي، والقدرة التدميرية الهائلة للأسلحة الحربية، هذا على المستوى الدولي باعتبار الإرهاب أحد مظاهر العنف السياسي في هذا العالم المعاصر، أما بالنسبة للنطاق الإقليمي، فقد كان الإرهاب ومنذ وقت طويل حقاً مشكلة إقليمية حادة، أدّت إلى تغيير الأوضاع السياسية والأمنية في كثير من أقاليم العالم المختلفة[10]. كتنظيم داعش الذي ينتشر في المنطقة العربية. أما النوع الثالث الإرهاب الدولي: هو ذلك الإرهاب الذي تقوم به الدول من خلال مجموعة من الأعمال والسياسات الحكومية لنشر الرعب بين المواطنين لإخضاعهم لرغبات الحكومة، وفي الدول الأخرى لتحقيق الأهداف التي لا تستطيع الدولة تحقيقها بالوسائل والأساليب المشروعة. لأن إرهاب الدولة قد يكون في الداخل من خلال التعسف في استعمال السلطة، وهو ما يسمى بالإرهاب القمعي أو الإرهاب القهري، وقد يكون على المستوى الخارجي ويمارسه بصورة مباشرة كالعمليات التي تنفذه وحداتها العسكرية ضد المدنيين في دولة أخرى ويسمى بالإرهاب العسكري، وقد يكون بصورة غير مباشرة من خلال دعم الجماعات الإرهابية في بعض الدول، وإمدادها بالسلاح والأموال لتمويل عملياتها، وقد تقوم بتدريب أفراد هذه الجماعات في معسكرات تدريب خاصة، ثم يتم تصديرهم إلى الخارج، أو تأمين المأوى لهم بعد عملياتهم[11].

وقد كان هناك دائماً اتجاهان بخصوص تفسير ظاهرة الإرهاب الدولي وهما: الاتّجاه الأول: كان ينظر إلى الإرهاب الدولي لما تسبّبه الجريمة من رعب عام وشامل، ومن حيث استخدام الإرهاب كوسائل من شانها إحداث خطر عام، وما ينجم عنها من أضرار عامة ليست فقط بالنسبة للمواطنين في دولة واحدة، وهي مكان وقوع الجريمة، بل بالنسبة لكلّ المواطنين والأجانب أيضاً. الاتجاه الثاني: فقد اقترب أكثر من تحديد مفهوم وشكل الإرهاب الدولي، وذلك وفقاً لما يلحق بالمصالح الدولية من أضرار نتيجة للعمليات الإرهابية من خلال وجود عنصرين أولهما إذا كان الهدف من الإرهاب هو إثارة الاضطراب في العلاقات الدولية، والثاني إذا اختلفت جنسية الفاعل أو جنسية الضحية أو مكان ارتكاب الجريمة[12]. والنوع الرابع إرهاب الأفراد أو الجماعات أو المنظمات الخاصة: ومن أبرز أشكال هذا النوع إرهاب الشركات والمشروعات، والذي يحدث من جانب جماعات الإجرام المنظم التي تزاول تجارة إجرامية في السلع والخدمات غير المشروعة[13]. وهذا النوع لا يوجد فى مصر نظراً للكفاءة التى تتمتع بها الأجهزة الأمنية المصرية.

ونتيجة للتطرف تظهر صور الإرهاب: تشهد العمليات الإرهابية دائماً تطورات عديدة نتيجة لعدة عوامل أهمها امتلاك التقنيات والتكنولوجيا الحديثة، وتطور الصناعات الحيوية والعسكرية، ومن أهم صور الإرهاب ما يلي: الإرهاب الإلكتروني: يعتمد الإرهاب الإلكتروني على استخدام إمكانيات أو مقدرات الحاسب الآلي في ترويع أو إكراه الآخرين كما فعلت داعش فى المناطق التى كانت قد سيطرت عليها. وقد يكون إطلاق الفيروسات عبر شبكة الإنترنت من أهم وأخطر الأعمال الإرهابية لما يسببه ذلك من خسائر فادحة في منظومات المعلومات والأجهزة المتصلة بها، وعلى سبيل المثال أشارت التقارير إلى أن عدد الذين أصيبوا من جرّاء الهجوم على مواقعهم بواسطة الفيروس الذي اطلق عليه (I LOVE YOU) يقدر بأكثر من عشرين مليون مستخدم للإنترنت، وقدرت الخسائر المادية بمليارات الدولارات، وهذا الأمر قد يصعب تحقيقه من خلال الوسائل التقليدية للإرهاب [14]. وهناك الإرهاب البيولوجي: تأتي الأسلحة البيولوجية على رأس أسلحة التدمير الشامل التي قد تلجأ إليها الجماعات الإرهابية، حيث يُطلق عليها “قنبلة الفقراء النووية” نظراً لسهولة تصنيعها وقلة تكلفتها، إذ لا تحتاج إلى تقنيات متقدمة أو معقدة، كما تُعد من أشد الأسلحة فتكاً وتدميراً، وهذه الأسلحة لا تحتاج إلى وسائل إيصال متقدمة، إذ يمكن استخدام وسائل الرش على هيئة رزاز، أو من خلال نقل العدوى إلى حيوان أو حشرة يتم نشرها في الأماكن المستهدفة. [15]. أما الإرهاب النووي: ويهدف الإرهاب النووي إلى امتلاك المواد النووية والتهديد بها بصورة غير قانونية وشرعية وخارج المعاهدات الدولية، وهناك بعض الوقائع والحوادث التي لها صلة مباشرة بالإرهاب النووي منها إعلان شرطة المواد والمعدات النووية الأمريكية ومقرها بنسلفانيا خلال مرحلة الستينيات، عن فقدها كمية من اليورانيوم المخصب[16]. أيضا الإرهاب الكيميائي: تشمل المواد الكيميائية غازات الأعصاب والغازات الكاوية والخانقة وغازات الجدم، وغيرها من الغازات السامة، وقد تتمكن العناصر الإرهابية من الحصول على هذه الأسلحة واستخدامها بواسطة الرش، حيث يمكن نقلها بسهولة إلى الأماكن المراد استخدامها فيها، ومن ثم تمثل نوعاً من الأسلحة الإرهابية ذات الخطوة العالية، ولكنها تقل في الدرجة عن استخدام الأنواع البيولوجية[17].

إن الاهتمام بظاهرة التطرف والإرهاب له أسباب متعددة تختلف باختلاف الأفراد والمنظمات والتحالفات وكذلك بالنسبة للشعوب والأكاديميين والباحثين. فقد تستخدمه بعض الحكومات فى تقييد حرية مواطنيها , كما أن جماعات الإرهاب والإعلام لها أجندات خاصة تنفذ وفقا لذلك وبناء على هذا الأمر لا نجد تعريفاً محدّداً وواضحاً ومتفقاً عليه بالنسبة لمفهوم الإرهاب[18].وهو الأمر الذي ينطبق على تلك التنظيمات الإرهابية التى تنتشر فى المنطقة العربية، وهذه الأنواع من الإرهاب أو معظمها استخدمت فى سوريا والعراق. ونلاحظ تعدد أساليب ووسائل القائمين على العمليات الإرهابية كنتيجة للتطرف الفكري والعقائدي، وفقاً للأهداف الخاصة بتلك العمليات، وطبيعة ووقت تنفيذ تلك العمليات، إلى جانب عوامل أخرى قد تحكم عملية الاختيار من بين تلك الأساليب، ومن بين أهم أساليب: كالتفجيرات: باستخدام أنواع متعددة من القنابل التفجيرية كما تفعل داعش. ويُعد هذا الأسلوب من أكثر الأساليب انتشاراً في العالم، حيث احتل المرتبة الأولى في أساليب الإرهاب 46%، والهجوم في المرتبة الثانية 22% ، واختطاف الطائرات 12%، والاغتيالات  9.5%، واختطاف الأفراد 6% وأخرى 4.5%.[19].

المبحث الثانى :أسباب التطرف والإرهاب

وتتلخص أسباب التطرف وما ينجم عنه من إرهاب من وجهة نظري الأسباب الاجتماعية: في تصاعد الضغوط الديمغرافية، والتدهور الحاد في تقديم الخدمات العامة، والميراث العدائي الناتج عن عدم العدالة نتيجة للانظمة السياسية، والتهميش السياسي والمؤسسي، وتدهور مستوى التعليم والبحث العلمي، والتفهم والتطبيق الخاطئ للدين وتعاليمه، ونشر الأفكار المتشددة في السجون؛ نتيجة الانتهاكات والتعذيب والإذلال المتعمد، والثقافات والأيدولوجيات المتوارثة الخاطئة والمغلوطة، والارتباط السلبي بمواقع التواصل الاجتماعي بما يعرض الشباب لاستقبال الرسائل التحريضية المتطرفة، والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن حركة النازحين واللاجئين بصورة غير منظمة أو مسيطر عليها، وتزايد المنصات الإعلامية التي تحرض على التطرف والإرهاب، واتساع الفجوة الثقافية والحضارية بين الدول الغربية والدول الأخرى بشكل عام خاصة دول الشرق الأوسط .

أما الأسباب الاقتصادية للتطرف فيمكن إيجازها في قلة الفرص الاقتصادية والاجتماعية، وتفاوت معدلات التنمية الاقتصادية، والفرار الدائم والعشوائي للمبدعين والعناصر المنتجة، والفقر والتدهور الاقتصادي الحاد وتمركز الموارد بالدولة في يد مؤسسات معينة أو أقليات عرقية بعينها (كالبعث فى العراق وسوريا)، وانتشار البطالة بشكل كبير. أما بالنسبة للأسباب السياسية والأمنية فنجد ميراث النظم الاستعمارية التى نمت هذه الجماعات المتطرفة مثلما هو الحال بالنسبة لجماعة الأخوان ودور بريطانيا فى ذلك لتفتيت حركات التحرر يضاف إلى ذلك سوء الحكومات واستخدامها مثل هذه العناصر المتطرفة، مثلما حدث فى دعم هؤلاء فى الحرب ضد السوفييت للتخلص منهم أو تقربا من الادارة الامريكية آنذاك، أيضا من هذه الأسباب انتهاكات حقوق الإنسان، وعدم سيادة القانون، والتنفيذ التعسفي الظالم للقوانين على الضعفاء مع استثناء جماعات المصالح الخاصة ورجال الأعمال، وسطوة الجهاز الأمني وتحوله إلى دولة داخل الدولة، وتزايد الانشقاقات داخل النخب بالدولة؛ مما يؤدي إلى الانقسام بين النخب الحاكمة ومؤسسات الدولة، فضلا عن تدخل دول أخرى أو فاعلين سياسيين خارجيين مستقطبة مثلما هو الحال فى الدعم المقدم من حزب العدالة والتنمية وأردوغان للجماعات الإرهابية فى الشرق الأوسط بعامة، وفى سوريا على وجه الخصوص ، والإصرار على تطبيق الحريات وآليات الديمقراطية بشكل شمولي في مجتمعات تعاني من الصراعات والأفكار المغلوطة المتوارثة بنفس الفكر والآليات المطبقة في مجتمعات مستقرة ذات ثقافات واعية، وفقدان شرعية الدولة، وانتشار الأسلحة والعمل على تهريبها دوليًا، فضلًا عن الحروب الأهلية والنزاعات الممتدة .

أما عن الأسباب الخارجية الدولية، والإقليمية فنجد نزاعات وصراعات المصالح لفرض النفوذ عالميًا وإقليميًا مثلما تفعل تركيا وقطر فى هذا الشأن فى دعم تلك الجماعات وتوفير الدعم اللوجستى والمادى والملاذ الآمن لهذه الجماعات (الاخوان – داعش) وعدم التوصل إلى حلول عادلة وحاسمة للنزاعات والقضايا الممتدة بالمنطقة.. والإصرار على تطبيق سياسة ازدواجية المعايير- مثل محاربة الإرهاب ظاهريًّا وتقديم الدعم للجماعات الإرهابية فى نفس الوقت – تلك السياسة المتبعة في أحيان كثيرة بواسطة المجتمع والدول العظمى.. ودعم بعض الدول لجماعات محظورة دوليًا لكونها إرهابية، والإصرار على إيواء وحماية ودعم المتطرفين.. فضلًا عن الإستراتيجيات الخاطئة لمقاومة التطرف العنيف. ومن أبرز الأسباب الاقتصادية للإرهاب تفاوت معدلات التنمية الاقتصادية، والفقر والتدهور الاقتصادي الحاد، وتمركز الموارد بالدولة في يد مؤسسات معينة، وانتشار البطالة بشكل كبير، كل ذلك شكل بيئة خصبة لنمو مثل هذه التيارات المتطرّفة.

ولا شك أنّ التطرف والإرهاب قد أدى إلى نتائج شديدة الأثر على دول الشرق الأوسط، بل والعالم أجمع. فنجد هناك 67  تنظيمًا وجماعة إرهابية تم حظرها دوليًا حتى نهاية عام 2014 م، بينها 32  جماعة إرهابية في الشرق الأوسط، منها  18  جماعة تم حظرها اعتبارًا من عام 2014 م، والعديد منها أعلنت مبايعتها لداعش ؛ مما أدّى إلى زعزعة السلام والأمن، وإضعاف التنمية المُستدامة، والتأثير على العقول، باستهداف التعليم الحديث وتطوّره كتهديد رئيس لأيدولوجيات التطرف العنيف، وتزايد عدد النازحين واللاجئين والهجرة غير الشرعية، وانتشار العديد من الجرائم العابرة للحدود. وعلى صعيد آخر أدت الهجمات المتطرفة والإرهابية إلى التأثير العشوائي المحتمل على التركيب السكاني لدول أوروبا، من جراء الهجرة غير الشرعية ونزوح اللاجئين، وتزايد الإجراءات الأمنية المقيدة للحريات العامة، سواء على المقيمين بدول الشرق الأوسط وشمال المتوسط، أو على القادمين لها، وتهديد قيم ومبادئ التسامح والحرية فيها، والذي قد يأخذ الدول الأوروبية نحو تضيق الخناق على الأقليات المسلمة، والذي بدوره يمهد طريق التزايد تجنيد مسلمين أوروبيين وأمريكيين ضمن الجماعات المتطرفة. كما أدّت الهجمات المتطرفة والإرهابية إلى التأثير على النمو الاقتصادي المُستهدف من انفتاح وحرية التجول بدول الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن رد الفعل المضاد المتطرف المحتمل من قبل بعض اليمين المتطرف في أوروبا، وبما يزيد الطين بلة، خاصة مع بدء توجه بعض الدول إلى فكرة الانعزالية لتجنب الآثار السلبية للتطرف والإرهاب.

و نلاحظ أنّ الجماعات الإسلامية المسلحة (الأصول المتأسلمة كونها تتخذ الدين ستارا لأفعالها) ، التي تنطلق من خلفية دينية وتصوّر إسلامي منحرف وخطير أقل ما يقال عنه إنه “تصوّر تدميري وقفز في الفراغ والهواء الطلق” [20].، لأن هذه الجماعات قائمة على ثلاثة مرتكزات عقيدية خطيرة تعمل في جوهرها على التصنيف البشري الذي يؤدي إلى التوزيع الجغرافي أو المكاني، أو ما يعرف في الفقه بمفهوم الديار (دار الإسلام ودار الحرب ودار الكفر ودار عهد)، وهذا في تنفيذه وتجسيده يقترب من مقاصد التقسيم في المشروع الصهيوغربي في تقسيمه للمنطقة الشرق أوسطية[21].وهذه المرتكزات الثلاثة هي:

أولا: يمثلون دون غيرهم بشكل واضح عقيدة التوحيد ونصرة الدين ومحاربة المشركين، ومن ليس معهم فهو في حكم المحارب وجب مقاتلته، وهو مشرك حتى لو كان له معتقد ودين. وهذا ما تقوم داعش قتال العدو القريب الانظمة والشعوب عكس القاعدة التى تنفذ قتال العدو البعيد الغرب عامة، وإن كان هذا الأمر أصبح غير ظاهر نظرا لتعدّد انماءات هذه الجماعات المتطرفة ما بين القاعدة تارة وداعش تارة أخرى. ثانيًا: عقيدة التوحيد في حاجة لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وهذا يقتضي أرضاً وجغرافية محدّدة، ولا يحتاج لتحرير الأرض أو إسقاط نظام ووضع نظام بديل له يحكم بما أنزل اللّه تعالى من أحكام الشريعة، ثالثا: هذه الأرض التي تقام فيها الشريعة الإسلامية يجب أن يكون فيها خليفة قائم على أمرها وشعب يمتثل لها ويبايع الخليفة على حمايتها، وكلّ من يخالف ذلك فإما يقتل أو يرحل إلى دار الكفر، وليس في عقيدتهم إلا أحكام الإسلام أو الجزية والحماية لهم أو مقاتلتهم وقتلهم[22].

ومن خلال هذه المرتكزات يمكن لأي تنظيم إرهابى متطرف يعتقد ذلك أنّه يدمر الوطن، ويشتّت شعبًا ويمزق وحدته ويندفع فيما يخطّط له من طرف القوى الصهيوغربية، خاصة مشروع تدمير القدرات الوطنية وتهديم السيادة وتمزيق الشعب وتشكيل تكتلات فيه بشكل عدائي، حيث يصعب ترميم الوحدة الوطنية، خاصة إذا استعملت ورقة العرقية والقبلية والطائفية والدينية. وتنبغي الإشارة إلى أنّ الجماعات أو الحركات الإسلامية تتّخذ تصنيفين رئيسيين على المستوى العالمى وهما: أوّلًا: الحركات الإسلامية الدينية وهى التى تقوم على قراءة الإسلام من خلال النصوص القرآنية، وتنظر من خلالها إلى الافراد والدول من منظر العقيدة فقط، وهي إمّا حركات متطرفة كانت سلمية فى البداية كالتكفير والهجرة واعادة الدعوة، أو حركات جهادية عنيفة (محلية الطابع تؤمن بالجهاد للعدو القريب وليس البعيد، حركات انفصالية وهي التى اندمج فيها الدين بالدولة أي بالسياسة , أو حركات دولية المجال وهى تهتم بقتال كلّ من العدو القريب أي حكومات الدول الإسلامية وكذلك العدو البعيد أي أعداء الإسلام أي الغرب) ثانيًا: الحركات السياسية الاجتماعية وهى التى تسعى إلى السلطة من خلال التواجد المجتمعى عن طريق تنفيذ برنامج سياسي لها كجماعة الأخوان المسلمين[23]. والشيء المتفق عليه بين كافة الباحثين أنّ معظم الجماعات الإسلامية إما استمرار لحركة الأخوان المسلمين (في تركيا المنتمى لها حزب أردوغان العدالة والتنمية)، أو انفصلت عن الجماعة الأصلية (الجهاد في مصر وفلسطين) ، أو تأثرت بتعاليمه وتجاربها (جبهة الإنقاذ الإسلامي في الجزائر) وهي تشمل أيضاً (السودان العراق، المغرب، تونس ، الجزائر). وحالة الدراسة تم اختيارها لاعتبارات عدّة، منها أنها تشكل التيار الأكبر والأكثر انتشاراً لظاهرة الإسلام السياسي في الوطن العربي، كما أنّها تتبنّى المشاركة في العملية السياسية والديمقراطية في العالم العربي منهجاً للتغيير، وترفض العنف كمنهج للتغيير السياسي في البيئة السياسية العربية أو في معارضتها للأنظمة السياسية العربية. بالرغم من وجود ممارسات استثنائية من قبل بعض أطراف الظاهرة، في ظروف طارئة، لكن تراجعت عنها هذه الأطراف. حيث “ترك الإخوان جانباً، إن لم نقل تخلّوا تماماً عن اهداف إقامة دولة إسلامية من أي نوع كان، ولا تراودهم كثيراً أحلام استلام الحكم أو الاستيلاء على السلطة لإنجاز تغييرات ثورية في المجتمع والسياسة. جماعة الإخوان هي حركة معارضة تصارع بالأساس لتوسيع مساحات مشاركتها في العملية السياسية الرسمية واتقاء شر ضربات النظام القمعية”[24].

يٌعد الإرهاب من الظواهر العالمية الخطيرة التي أضحت تمثل معضلة من المعضلات لدى الدول كافة، حيث تضخم حجم الظاهرة الإرهابية، وتنوعت الجرائم الإرهابية وانتشرت في أنحاء المعمورة كافة، مخلفة آثاراً خطيرة ومدمرة[25]. وقد أصبح الإرهاب أكبر التحديات وأخطرها والتي تواجه الحكومات الساعية إلى الاستقرار الوطني والإقليمي والدولي على حدٍ سواء، فهو عقبة رئيسة أمام تنمية وتطور الشعوب، لذا فقد أدركت الدول والمنظمات الدولية مدى ما يشكله الإرهاب من خطر واضح منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقد كرست كافة الدول والمنظمات الدولية الجهد الكبير من أجل التعاون فيما بينها من أجل محاربة ومكافحة الإرهاب. الأمر الذي يدعو إلى ضرورة البحث فيما يقف وراء هذه الظاهرة، والآثار والتداعيات التي تترتب على ظاهرة الإرهاب بأشكاله وصوره المختلفة. فقد شهدت السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين الميلادي تصاعداً ملحوظاً في العمليات الإرهابية كانت أشدها سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة تحت ما يسمى بالشرق الأوسط، حيث تم فيها احتلال العراق وقبلها أفغانستان بالإضافة إلى التهديدات المستمرة لعدد من الدول في المنطقة ومحاولة تغيير ملامح المنطقة من خلال طرح مشاريع تقسيم الشرق الأوسط[26].

وبناءً على ما سبق لا يمكن الفصل بين التطرف والإرهاب فكلاهما متلازمان فحيثما وجد التطرف ترتب عليه الإرهاب بوتيرة من الرفض إلى الصدام فى نهاية المطاف، وكلاهما من الأمراض النفسية على المستوى الشخصي والاجتماعي التى انتشرت فى الشرق الأوسط نتيجة للركام الثقافى والمجتمعى الذى جعل من  مجتمعات هذه المنطقة بيئة حاضنة لنموّ المتطرفين وتركيز أعمالهم الإرهابية، ونشر أفكارهم المتطرفة بكل صورها على دول الشرق الاوسط وما يترتب عليه من ضحايا على مستوى الأرواح والممتلكات وهو الأمر الذي يستلزم تضافر جهود المجتمع الدولى لعلاج هذه الآفات للقضاء على التطرف والإرهاب لتجفيف منابعه خاصة وأنه أصبح خطراً يهدّد الإنسانية.

[1] على الرغم من الجهود المبذولة فى هذا الصدد من مراكز الدراسات الاستراتيجية وكذلك المراكز البحثية الجامعية الا أن مراكز الدراسات المتخصصة لظاهرة الإرهاب فلا توجد فى الشرق الأوسط، بالرغم من وجود مراكز متخصصة فى الغرب تهتم بمثل هذه الدراسات وتصدر دوريات فى هذا الشأن وراجع مجلة (on Terrorism Perspectives) التى تصدر من معهد واشنطن للدراسات الاستراتيجية فى هذا المجال. انظر جلال زناتى: الجماعات الاسلامية فى مصر ما بين العمل السياسى والإرهاب، وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الإسكندرية، مجلة مراصد، 2016 – ص3.

 [2] محمد ياسر الخواجة : التطرف الدينى ومظاهرة الفكرية والسلوكية , مؤسسة مؤمنون , الرباط , دون تاريخ , ص3.

[3] عبد الله المطلق ,الارهاب وأحكامه فى الفقة الاسلامى , دار ابن الجوزى ,الرياض , 1431ه , 115-117.

[4] Stephens,Tim,2004,International Criminal Law and Response to International                                 Terrorism,27,(2),University of New South Wales Law Journal,p.454. See also      Berg,2004,Terrorism,The New International Chalange ,paper presented at public workshop,in Fiji,17 July,2004p.457.

[5] عبد الله المطلق , المرجع السابق ,ص 119.

[6] محمد عوض الترتورى و أغادير عرفات جويحان , علم الارهاب , الطبعة الاولى , مطابع الحامد , عمان , ص35.

[7] جمال زايد هلال أبو عين , الارهاب وأحكام القانون الدولى , الطبعة الاولى ,عالم الكتب , إربد , ص37.

[8] أسماء عبد العزيز الحسين , أسباب الارهاب والعنف والتطرف , دراسة تحليلية ,كلية التربية ,الرياض,2002, ص1-17.

Gupta ,Rakesh,A Comparative Prespective on The Causes of Terrorism,International Studies,35(1)Januray – March,1988,p.23-53.

[9] عبد الحفيظ عبد الله المالكى ,نحو مجتمع آمن فكريا , الطبعه الاولى , الرياض , 2010 , ص161.

[10] شوكت محمد عليان , الإرهاب المفروض والمرفوض حقيقته – أسبابه-علاجه , دار العليان ,عمان ,2008 , ص162-163.

[11] عبد الله مطلق ,المرجع السابق , ص212.

[12] شوكت محمد عليان ,المرجع السابق , ص163.

[13] محمد محيى الدين عوض , واقع الارهاب واتجاهاته , أكاديمية نايف , الرياض ,1999 , ص86.

[14] عبد الحفيظ عبد الله المالكى ,المرجع السابق , ص254.

[15] عبد الرحمن رشدى الهوارى , التعريف بالارهاب وأشكاله ,جامعة نايف , الرياض , 2002 , ص60.

[16] أحمد فلاح العموش ,مستقبل الارهاب , جامعة نايف , الرياض , 2006 , ص 113.

[17] عبد الحفيظ عبد الله المالكى , المرجع السابق , ص252.

[18] Gregor Bruce,Definition of Terrorism Social and Polotical Effects,Journal of Millitary and Veterns Health,New Brunswick,1988,p.1-29.

[19] أحمد فلاح العموش , المرجع السابق , ص78.

[20] جلال زناتى , خمسة وعشرون دليل على علاقة تنظيم داعش بالمخابرات الإسرائلية (الموساد) , دار النهضة , بيروت , 2018, ص 28-78. وكذلك راجع جلال زناتى , الأبعاد الاجتماعية والقبلية للنشاط الارهابى فى سيناء ,مجلة أوراق الشرق الاوسط , المركز القومى لدراسات الشرق الاوسط , العدد 62 يناير – مارس 2014. أيضا جلال زناتى: الجماعات الاسلامية فى مصر ما بين العمل السياسى والارهاب , وحدة الدراسات المستقبلية بمكتبة الاسكندرية ,مجلة مراصد, 2016 , ص2-48.

[21] جلال زناتى , الجماعات الاسلامية فى الوطن العربى الظهور والأفول , دار النهضة العربية , بيروت , 2018 , ص 44-62.

[22] نفس المرجع , ص 64.

[23] عبد الوهاب الأفندى وآخرون: المرجع السابق , ص 13-49. وكذلك انظر مجدى حماد وآخرون: الحركات الاسلامية والديمقراطية , دراسة فى الفكر والممارسة , مركز دراسات الوحدة العربية ,2001 ,ص 248-386.

[24] عمرو حمزاوي ، مارينا أوتاوي، وناثان ج.براون، “التساؤلات التي ينبغي على الحركات الإسلامية الإجابة عليها:جماعة الإخوان المسلمين المصرية كنموذج”، شباط 2007 , مركز كارنجى .

[25] بدر عبد العال الحربي ,دور الحس الامنى فى مكافحة الارهاب , جامعة نايف , الرياض، 2007م:ص 18.

[26] حمدان محمد , الإرهاب الدولى وتداعياته على الأمن والسلم العالمى , مجلة أبحاث , المجلد الحادي عشر , العدد الاول، 2011م – ص 268.

كاتب

التعليقات مغلقة.