مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

الأزمات الناتجه عن الدساتير الغير العادله

د. مختار غباشي/

مختار غباشي
مختار غباشي

تعريف الدستور

الدستور لغة: كلمة فارسية بالأصل دخلت اللغة التركية ثم شاعت في اللغة العربية وأصبحت لها عدة معانٍ تطورت مع الزمن.

ومن المعاني التي وردت في المعجم الوسيط لمفردة “دستور” أنه: قانون أساسي لأمة من الأمم يتضمن طائفة القوانين القضائية والسياسية التي توجه العلاقات بين الرعية والراعي، وهو الدفتر الذي تجمع فيه أسماء الجند وقوانين الملك.

أما اصطلاحاً : فـ”تعرف الدساتير على أنها العقد الاجتماعي الذي تمنحه الشعوب لنفسها، عملاً على تنظيم شؤونها العامة وتصميم نظم الحكم وتركيباته فيها، وهو ما يجعل من العملية الدستورية فرصة هامة للتعبير الصريح عن سيادة الشعب”.

فـ الدستور هو الوثيقة التي تشكل القانون الأعلى للبلاد، والمرجعية لكافة القوانين والسامية عليها، ومبادئ هذه الوثيقة تنظم أهداف الشعب وحياته وكل مخالفة لها تعتبر باطلة ولهذا تنص الدساتير في صلبها على تشكيل محكمة دستورية عليا لمراقبة تطبيق المواد التي أتت بها تلك الدساتير.

و يقتضي تحليل معادلة الوضعية الدستورية في الأقطار العربية التي تسمى جمهوريات خلال لحظتها الراهنة فهم الماضي الذي جعلها تكون ما كانت واقتراح حلول نظرية تمكن من التخطيط لمستقبل الإصلاحات الدستورية في وطننا الكبير. ولن يكون المدار القول في هذه المحاولة حول مناقشة النصوص الدستورية. فهي كما سنرى لا تمثل شيئا يستحق النقاش عدا الحاجة إلى فهم خلوها من المسمى وانحصارها في الإعلان الاسمي.

فكل الأنظمة التي انتقلت من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري في الوطن العربي نكصت في الوجود الفعلي بالنظام الملكي إلى شكله البدائي بعد أن بدأ ينتقل من سلطان يتحرر من عصبية الشوكة (التي أسست النظام الملكي) إلى سلطان يصبو إلى عصبية الشرعية (الدينية والتاريخية) حتى وإن بدت نقلة منه إلى النظام الجمهوري في الوجود النصي عادت به إلى شكل النظام الملكي البدائي دون تصريح تحت اسم النظام الجمهوري الذي استبدلته به.

فهي قد جمعت كل السلطات التي تتقوم بها الدولة الحديثة من أدوات الفعل في يد رجل واحد سواء جاء عن طريق الانقلاب العسكري أو عن طريق الشرعية التحريرية من دون ما تتقوم به الدولة الحديثة من كوابح إخضاع فعلها للقانون. ويسمى هذا في سلم الدساتير الأرسطية استبدال المبدأ الأسمى بالمبدأ الأدنى نزولاً من الملكية إلى الاستبداد.

ذلك أنه لما كان سلطان الرجل الواحد ليس إلا ظاهراً من الأمر لامتناعه بالذات فإن السلطة الحقيقية هي دائماً بيد بطانة تنتهي في الغاية إلى أن تصبح مافية عنيفة وفاسدة تسيطر باسمه على مقاليد الدولة ومصائر المواطنين. فليس بوسع فرد مهما بلغ من العبقرية أن يمسك بمفاصل دولة مهما صغرت خاصة بعد تعقدها في الشكل الحديث الذي يجعلها تتحكم في كل واردة وشاردة من الشأن العام بل وحتى الخاص. وليس بوسع الرجل الواحد مهما بلغ من الصلاح والبراءة أن يحول دون مآل الفساد الناتج حتماً إلى استبداد الآليات العمياء باسمه. لذلك فالأزمة فقدت شروط التشخيص السوي بمعنيي الكلمة (تحديداً للداء ونسبة إلى الأشخاص) لأن الكلام يدور عن شكل نظام الجمهورية الظاهر والمعلن في الدساتير في حين أن الحقيقة تتعلق بشكل نظام الملكية البدائية والباطن الجاري في الواقع السياسي: ويمكن أن تكون أي جمهورية من الجمهوريات العربية نموذجا تتعين فيه كل مكونات الأزمة الدستورية التي تعاني من هذا الازدواج والتناقض بين الاسم والمسمى فتبرز حقيقتها الفعلية أعني كونها ملكيات بدائية متنكرة تحت اسم الجمهورية.

فالانتقال من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري: حصل في خمس دول عربية هي: مصر وتونس وسورية والعراق وليبيا (واليمن يمكن أن يقاس عليها رغم أنه لم يكن نظامه ملكية بل إمامة).

  • طبيعة الأزمة الدستورية في العراق

نشأته :

دستور العراق هو القانون الفيدرالي الذي يتم حكم العراق به حالياً، وقد تمت الموافقة على الدستور في استفتاء يوم 15 تشرين الأول/أكتوبر 2005، ودخل حيز التنفيذ في عام 2006 وذلك تحت احتلال قوات التحالف. ويعد الدستور الدائم الجديد للعراق أول وثيقة قانونية تقرها جمعية تأسيسية منتخبة واستفتاء وطني منذ العام 1924. وتمثل هذه العملية نقطة تحول في العراق من الحكم المركزي السلطوي، مروراً بخراب ما بعد الحرب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ، وصولاً إلى الحكومة الدستورية التمثيلية وعودة السيادة العراقية. وأقرّ الدستور بموافقة 78% من المصوتين. لكن الرفض الكاسح في المناطق السنية أظهر الفشل في الوصول إلى توافق وطني من جانب، ووجود رغبة للانخراط في العملية السياسية من جانب آخر. وقد أقر الدستور بأن العراق بلد متعدد القوميات وان القومية الكردية هي القومية الرئيسية الثانية الى جانب القومية العربية ومنحهم حقوقاً معنوية وثقافية ودستورية وتنفيذية سياسية واقتصادية كبيرة.

ونعتقد أن أهم ما حصل عليه الكرد هو الاعترف بشرعية الاقليم ومنحه سلطات واسعة تشمل حتى الجوانب الامنية والسيادية كما في المواد التالية:

المادة (117): أولاً: يقر هذا الدستور عند نفاذه اقليم كردستان، وسلطاته القائمة اقليماً اتحادياً.

 المادة (120): يقوم الاقليم بوضع دستور له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور.

المادة (121): أولاً: لسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقاً لأحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصات حصرية للسلطات الاتحادية.

ثانياً: يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.

ثالثاً: تخصص للأقاليم والمحافظات حصة عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام باعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.

رابعاً: تؤسس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية.

خامساً: تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه إدارة الاقليم، وبوجه خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والأمن وحرس الاقليم. وقد حصن السياسيون الكرد مكتسباتهم بجدار يستحيل تجاوزه يتمثل بمنع أي انتقاص من صلاحيات الاقليم الا بموافقة برلمان كردستان وسكانه وهو أمر لا يعقل ان يحصل ويتضح هذا في :

المادة (126): رابعاً : لا يجوز إجراء أي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الاقاليم التي لا تكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية إلا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني وموافقة أغلبية سكانه باستفتاء عام.

وحصل الكرد على مكتسبات دستورية في الجوانب الثقافية والتعليمية وبصلاحيات وامتيازات كبيرة فقد وردت في (الباب الأول / المبادئ الأساسية) عدة مواد تثبت حقوقهم وكمايلي:

المادة (4): أولاً : اللغة العربية واللغة الكوردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ثانياً: يحدد نطاق المصطلح لغة رسمية، وكيفية تطبيق أحكام هذه المادة بقانون يشمل: أ ـ إصدار الجريدة الرسمية باللغتين. ب ـ التكلم والمخاطبة والتعبير في المجالات الرسمية كمجلس النواب، ومجلس الوزراء، والمحاكم، المؤتمرات الرسمية، بأي من اللغتين. ج ـ الاعتراف بالوثائق الرسمية والمراسلات باللغتين وإصدار الوثائق الرسمية بهما. د ـ فتح مدارس باللغتين وفقاً للضوابط التربوية. هـ ـ اية مجالات أخرى يحتمها مبدأ المساواة، مثل الأوراق النقدية، وجوازات السفر، والطوابع.

ثالثاً : تستعمل المؤسسات الاتحادية والمؤسسات الرسمية في إقليم كردستان اللغتين. وامتدت مكتسباتهم الى الجوانب السيادية المهمة والتي تعتبر رمزاً للبلد فقد نصت المادة (12: أولاً) على (ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز إلى مكونات الشعب العراقي). وقد صار عرفا سياسيا في العراق ان يكون رئيس الجمهورية من المكون الكردي وعلى الرغم من ان سلطته التنفيذية ضعيفة دستورياً إلا أن دوره المعنوي والسيادي كبير جداً فهو يؤدي واجبات مهمة وعديدة.

بموجب نص المادة (67): (رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لأحكام الدستور. واقر الدستور بأن الكرد مساوون للعرب ولسائر المكونات في وجودهم البرلماني بلا تمييز بسبب العرق أو اللغة او القومية وان حقهم البرلماني لا ينقص عن حق العرب فقد نصت المادة (49) التي وردت في (الباب الثالث / السلطات الاتحادية / الفصل الاول: السلطة التشريعية) على (أولاً : يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله، يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر، ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه.) وفي الجوانب الاقتصادية نصت المادة (111) على (النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الاقاليم والمحافظات) وهو مكسب مهم للأخوة الكرد جعلهم يشاركون المحافظات المنتجة للنفط في وارداته بعيداً عن آثاره السلبية بيئيا وصحيا. وثبتت المادة (112) حقا للفرد الكردي من النفط المنتج في البصرة مثلا مساويا للفرد العربي في البصرة عل الرغم من ان البصرة محافظة منتجة للنفط واربيل الكردستانية ليست منتجة له فقد نصت هذه المادة على (أولاً: تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة على أن توزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد) وحصل الكرد في الدستور على صلاحيات حكومية وإدارية واسعة تمثل بعضها بمشاركة حكومة اقليم كردستان مع الحكومة الاتحادية والأخرى حصرية لحكومة الاقليم

 وكمايلي:

المادة(114): تكون الاختصاصات الآتية مشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقاليم: أولا: إدارة الكمارك بالتنسيق مع حكومات الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم، وينظم ذلك بقانون. ثانيا: تنظيم مصادر الطاقة الكهربائية الرئيسة وتوزيعها. ثالثاً: رسم السياسة البيئية لضمان حماية البيئة من التلوث والمحافظة على نظافتها بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم. رابعا : رسم سياسات التنمية والتخطيط العام. خامسا: رسم السياسة الصحية العامة بالتعاون مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم. سادسا: رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم. سابعاً : رسم سياسة الموارد المائية الداخلية وتنظيمها بما يضمن توزيعا عادلا لها، وينظم ذلك بقانون.

المادة (115):كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية يكون من صلاحية الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم والصلاحيات الاخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والاقاليم تكون الأولوية فيها لقانون الاقاليم والمحافظات غير المنتظمة في اقليم في حالة الخلاف بينهما. وتطرقت المادة (141) الى الجوانب القانونية واعترفت بشرعية قوانين الاقليم فقد نصت على (يستمر العمل بالقوانين التي تم تشريعها في اقليم كردستان منذ عام 1992 وتعد القرارات المتخذة من حكومة اقليم كوردستان ـ بما فيها قرارات المحاكم والعقود ـ نافذة المفعول ما لم يتم تعديلها أو الغاؤها حسب قوانين اقليم كوردستان من قبل الجهة المختصة فيها، وما لم تكن مخالفة لهذا الدستور). ومن يطلع على ماقدمناه يلاحظ وبسهولة سعة وتنوع المكتسبات والصلاحيات الدستورية التي يتمتع بها اقليم كردستان العراق مع العرض أن الكرد قد نالوا نصيبا كبيرا من القمع الدكتاتوري والمعاناة من جهة وانهم قاموا بدور رئيسي في اسقاط النظام الدموي الصدامي من جهة اخرى.

  • العمليه الدستوريه في تركيا

نشأته :

دستور الجمهورية التركية المعروف أيضا باسم دستور عام 1982، هو القانون الأساسي في تركيا. وينص على أن حكومة الدولة يجب أن تحترم الدولة. وينص الدستور أيضا على حقوق ومسؤوليات هذا الأخير مع وضع المبادئ التوجيهية للوفد وممارسة السيادة التي تخص الشعب التركي. تم التصديق على الدستور في 7 نوفمبر 1982. حل محل الدستور السابق لعام 1961. تم تعديل الدستور سبعة عشر مرة، اثنان منهم من خلال الاستفتاء: 2007، 2010، واحد منهم جزئيا من خلال الاستفتاء: 1987. عموما، 113 من 177 عدلت مواد دستور عام 1982. تم إجراء استفتاء آخر على مشروع دستور جديد من شأنه أن يزيد من سلطة الرئيس وإلغاء رئيس الوزراء في 16 أبريل 2017.

وضع الكرد في ظل الدستور التركي:

وقد احتفل عشرات الآلاف من الأكراد والموالين لحزب الشعوب الديمقراطي، الذي يتزعمه صلاح الدين ديمرتاش، بتخطيهم العتبة الانتخابية، التي أهلتهم لدخول البرلمان. ورفع الآلاف أعلام حزب الشعوب الديمقراطي أمام مركز الحزب في مدينة ديار بكر جنوب شرقي تركيا ليلة الأحد، بعد إعلان الحزب نجاحه بالفوز في الانتخابات البرلمانية. وحصل الأكراد على نسبة 11.6 بالمئة من إجمالي عدد المصوتين في الانتخابات البرلمانية، مما يعني حصولهم على 67 مقعداً في البرلمان الجديد من أصل 600 مقعداً. وانتقد مسؤولو حزب الشعوب الديمقراطي تدخلات رجال الأمن والضغوط، التي تعرض لها سكان مناطق شرقي تركيا وجنوب شرقي البلاد، في محاولة لمنع أنصار الحزب من التصويت. وتحدث مسؤولون في الحزب عن حدوث عشرات المخالفات والخروق أثناء إدلاء الناخبين بأصواتهم في مدن وبلدات عدة من مناطق وجودهم. وفي الانتخابات الرئاسية، التي فاز فيها رجب طيب أردوغان بولاية ثانية، حصل الزعيم الكردي صلاح الدين ديمرتاش على 8.1 بالمئة من الأصوات، وقد خاض الانتخابات الرئاسية من سجنه في أدرنة شمال شرقي البلاد. وتفوق ديمرتاش في 10 ولايات تركية في عدد الأصوات، وحصد فيها، حسب الأرقام التي أعلنتها وسائل الإعلام الحكومية التركية، أكثر من 4 ملايين صوت. وفي ولاية ديار بكر فاز الأكراد بـ9 مقاعد نيابية من أصل 12 مقعدا، مقابل 3 مقاعد نيابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم. وبعد دخول الأكراد البرلمان مرة جديدة، سيكون حزب الشعوب الديمقراطي ثاني أكبر حزب معارض في البرلمان بعد حزب الشعب الجمهوري. ويبقى مصير ديمرتاش، المسجون منذ أكثر من 20 شهراً، غير واضح، في ظل استمرار توقيفه مع 9 نواب أكراد آخرين بتهم تتعلق بـ”الإرهاب”، ودعم حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.

وضع الأرمن في ظل الدستور التركي :-

هم من المجتمعات والسكان الأصليين في تركيا، وقد قدر عددهم بين 50,000 إلى 70,000 نسمة. بعدما وصل عددهم إلى نحو 2 مليون نسمة في عام 1915 عشية مذابح الأرمن. اليوم، تتركز الغالبية العظمى من الأرمن في مدينة إسطنبول. للأرمن في تركيا حالياً عشرات الكنائس والمدارس وجمعياتهم الخيرية ومراكزهم الثقافية، الصحف الخاصة والمدارس، والأغلبية من أرمن تركيا تنتمي إلى الديانة المسيحية ومذهب مذهب الكنيسة الرسوليّة الأرمنيّة. خلال القرن التاسع عشر تحسنت أوضاع الملّة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة لتُصبح أكثر طوائف الدولة العثمانية تنظيماً وثراءً وتعليماً، وعاشت النخبة من الأرمن في عاصمة الدولة العثمانية حيث تميزوا بالغناء الفاحش وعلى وجه الخصوص العائلات الكبيرة المعروفة آنذاك كعائلة دوزيان وباليان ودادايان حيث كان لهم نفوذ اقتصادي كبير في الدولة. حتى الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915، فإن معظم السكان الأرمن في تركيا (خلال عصر الدولة العثمانية) عاش في الأجزاء الشرقية من البلاد.

  • الثورة الدستورية الفارسية الايرانيه

نشأتها :

الثورة الدستورية الفارسية أو الثورة الدستورية الإيرانية (الفارسية: مشروطيت، الترجمة الحرفية: مشروطيت أو إنقلاب مشروطه (تُعرف أيضاً بأنها ثورة إيران الدستورية) حدثت بين عامي 1905 و1907. وأدت الثورة إلى إقامة البرلمان في فارس (إيران). كانت الثورة الدستورية الفارسية هي الحدث الأول من نوعه في آسيا. حيث فتحت الثورة الطريق للتغيير المزلزل في فارس، مبشراً بالعصر الحديث. ولقد شهدت فترة من الجدل غير المسبوق في الصحافة المزدهرة. ثم خلقت الثورة فرصاً جديدة وفتحت أفاقاً لا حدود لها على ما يبدو لمستقبل فارس. وقد حاربت جماعات عديدة مختلفة لتشكيل مسار الثورة، وقد تغيرت كل فصائل المجتمع في نهاية المطاف بطريقة ما بسببها.

النظام القديم، الذي كافح ناصر الدين شاه قاجار (Qajar) طويلاً ليبقى، ثم مات في النهاية، ليتم استبداله بالمؤسسات الجديدة والأشكال الجديدة من التعبيرات ونظام اجتماعي وسياسي جديد. وتم إنشاء نظام ملكي دستوري بمرسوم من مظفر الدين شاه والذي نشأ في بلاد فارس نتيجة للثورة وانتهى في نهاية المطاف في 1925 مع حل أسرة قاجار وصعود رضا شاه بهلوي على العرش. ولم تنتهِ الحركة بالثورة وإنما تبعتها حركة جيلان الدستوري.

والسؤال هنا هل الدستور يميز بين السنة والشيعة!! نعم هناك تمييز، لكنه ليس متعلقا بالمذهبية وإنما بالعرقية، فالعنصر الفارسي يمثل حوالي 51 % داخل إيران من تعداد السكان.

أهل السنة في إيران فهم :

  • إما عرب وهؤلاء في منطقة خوزستان (الأحواز). 2- وإما بلوتش في منطقة بلوستان المجاورة للباكستان، وهي تعتبر كارثة سوداء، حيث تعتبر مركز للمخدرات وتجارة الرقيق الأبيض، فحوالي 70 % من مخدرات العالم تمر عن طريقها. 3- وإما تركمان في منطقة شمال خرسان ( تركمانستان).

هذه العرقيات الثلاث لهم امتدادات، وهي أقليات عرقية ولغوية ومذهبية في نفس الوقت. وعندما تولي الرئيس الإيراني الجديد أحمدي نجاد وقعت تمردات في منطقة خوزستان وتم إخمادها على الفور. وعندما دخلت قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية العراق تولت القوات البريطانية منطقة البصرة الممتدة إلى خوزستان.

لكن السؤال الأهم الآن هو: هل يفرق الدستور الإيراني بين السنة والشيعة؟

الجواب نعم يفرق، فهناك نصوص صريحة في ذلك منها المادة التي تنص على أن (المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الشيعي الإثنى عشري)، وهناك أيضا: ( شرط تولي منصب رئيس الجمهورية أن يكون شيعي المذهب)، وهو نص يفهم منه امتناع تولي السني في إيران منصب رئيس الدولة. ورداً على الذين يقولون أن المرشد العام للجمهورية الإسلامية الإيرانية على خامنئي ليس فارسياً بل آذاريا، العنصر الآذاري هو العنصر الوحيد الذي لا ينظر إليه في إيران على انه غريب عن الفارسي.

ويخلص القول بأن: السنة هم الأكثر فقراً والأقل تعليماً والأبعد سكناً عن العاصمة طهران!!، وهو أمر يرجع إلى عام 1500 ميلادية إبان الدولة الصفوية، وتحديداً في عهد الشاه إسماعيل الصفوي الذي أصدر فرماناً بطرد أهل السنة من العاصمة على أن يعيشوا في الأطراف. أعتقد أن هناك تمييزاً ولكن ليس هناك اضطهاد منظم. مشيرا إلى أن “هناك نظرة احتقاريه من الشيعي الإيراني للسني الإيراني على وجه الخصوص”.

 

 

 

  • الدساتير المتعاقبة في سورية..ووضع الأقوام دستورياً

نشأته :

دستور سوريا الحالي صدر في 27 فبراير 2012 وهو خامس دستور دائم للبلاد منذ أن ولدت الدولة السورية بمفهومها الحديث عام 1920. أعدّت الدستور الحالي لجنة كلفها بشار الأسد وصودق عليه باستفتاء جرى في 26 فبراير 2012 كانت المعارضة السورية قد دعت لمقاطعته خلال الانتفاضة الشعبية منذ مارس 2011، وكان استبدال الدستور قد جاء نتيجة “حزمة إصلاحات” وعد بها بشار الأسد لمحاولة احتواء الانتفاضة. قبل الدستور الحالي كان الدستور المعمول به قد صدر إبّان حكم حافظ الأسد في مارس 1973 وبطريقة مشابهة، إذ شكلت لجنة ثم جرى الاستفتاء عليه ونشر على إثره، أما دستوري 1950 و1928 وضعتهما جمعية تأسيسيّة منتخبة ديموقراطياً.

ينصّ الدستور الحالي:

على المساواة بين المواطنين ويعترف بالتنوّع الثقافي في البلاد ويلزم الدولة بحفظه، ويعتبر الحرية “حقاً مقدساً” ويعتبر الشعب السوري “جزءاً من الأمة العربية” ويتيح التعددية السياسية والاقتصادية وينصّ على الفصل بين السلطات رغم تداخلها بشخص رئيس الجمهورية كما ذهب إليه عدد من النقاد والحقوقيين، ومن الانتقادات الأخرى الصلاحيات الواسعة التنفيذية والتشريعية وفي مجال القضاء الممنوحة للرئيس وعدم منح البرلمان صلاحيات واسعة كمنح الثقة للحكومة أو المصادقة على تعيين الوزراء وكبار الموظفين وحصر التشريع بيده بهدف تحقيق توازن السلطات ومجابهة السلطة التنفيذيّة، أيضاً فإن تطبيق الحريات العامة كما نصّ عليه الدستور فهو معرض بدوره للتشكيك، إذ أن أغلبها كان منصوص عنه في دستور 1973 دون أن تعرف شيئاً من التطبيق.

 يتألف الدستور:

من 157 مادة وستة أبواب وتسعة فصول ومقدمة. الباب الأول والثاني يتعلقان بهوية الدولة والحقوق والحريات العامة، أما الباب الثالث فيتعلق بسلطات الدولة والمحكمة الدستورية العليا التي أفرد لها باب خاص في حين أفرد الباب الخامس لتعديل الدستور والباب السادس للأحكام العامة والانتقالية.

لقد تسببت الدساتير غير العادلة والتي تجاهلت حقوق الشعوب والمكونات الاجتماعية الاخرى التي تعيش في نفس البلد والتي كتبت بنفسٍ تعصبيٍ قومي بالمزيد من الشرخ بين مكونات المجتمع والاقوام التي تعيش في نفس البلد لكنهم لا يتمتعون بنفس الحقوق وما موجة الأحداث التي انتشرت في منطقتنا إلا تعبير عن هذه الحقيقة وعلى سبيل المثال فقد تميز الدستور السوري: بأنه دستوري عروبي من الطراز الرفيع وهو اختزل كافة القوميات والتيارات السياسية في بوتقة القومية العربية ولا يعترف بوجود غيره من القوميات وهو خلق وسن لحزب البعث وحده ويمثل أفكار الحزب ومنطلقاته وتطلعاته.  فبعد أن كانت تسمى بالدولة السورية أو الجمهورية السورية أصبحت الجمهورية العربية السورية ونص على ذلك الدستور في المادة /1/ فقره /2/ القطر العربي السوري هو جزء من الأمة العربية. فقره /3/ الشعب في القطر العربي السوري هو جزء من الأمة العربية. والمادة /4/ التي تنص أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية ولم يشير إلى لغات أخرى موجودة في سورية رغم أنها تتجاوز العشر لغات. والمادة /21/ تنص إن نظام التعليم والثقافة يهدف إلى إنشاء جيل عربي قومي. المادة /134/ تصدر الأحكام باسم الشعب العربي في سورية. المادة /83/ نصت انه يشترط في من يرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون عربياً سورياً.

كل هذه المواد فيها اضطهاد حقوق القوميات الأخرى وإنكار لوجودها كالقومية الكردية التي تشكل ثاني اكبر قومية في البلاد والآشورية والسريانية والشركسية وغيرهم.. وبالتالي الحل هو ايجاد دستور عصري يضمن حقوق الجميع أفراداً و أقليات عرقية أو مذهبية كون الدستور الحالي تجاهل المكونات الأساسية للمجتمع السوري باعتباره بلد متعدد القوميات والأديان. كما انه يتميز المجتمع السوري بالتنوع العرقي و الديني والسياسي والمادة /3/ من الفقرة /1/ من الدستور التي تنص أن دين رئيس الدولة هو الإسلام تعتبر انتهاكاً خطيراً لحقوق المواطنين من الأديان الأخرى وتعد خرقاً لمبدأ تكافؤ الفرص وتحقيق المساواة بين المواطنين. وكذلك المادة /35/ تنص أن حرية الاعتقاد مصونة لكن القانون /49/ يعاقب أي شخص ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين بالإعدام. كما أن الدستور حدد في المادة الثامنة المعروفة أن ((حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ويقود جبهة تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية)) 0

و بهذه المادة سيطر حزب البعث على الوظيفة السياسية في الدولة وللأبد وامسك بمقاليد السلطة ونصب من نفسه وصياً شرعياً على كل الشعب السوري 0

وهذه المادة أعطت الشرعية اللازمة لهذا الحزب في التمييز بين المواطنين بسبب آرائهم السياسية وهذه نتيجة حتمية طالما أن الدستور نفسه وضع من قبلهم.

وبذلك أعطت هذه المادة لهذا الحزب الحق باحتلال ومصادرة كل المواقع في الدولة وأدى إلى حدوث هوة كبيرة بين المواطنين والطبقات وأضعف الوحدة الوطنية لافتقاد غير البعثيين لمعاني العدل والمساواة وتكافؤ الفرص.

وأدى ذلك إلى تحطيم الدولة سياسياً عبر ترسيخ فكرة الأبد والدكتاتورية المطلقة التي تمنحها هذه المادة لهم وبالتالي الابتعاد كلياً عن المعايير والأسس التي تستند عليها فكرة الديمقراطية ووضع حد نهائي لأسلوب تداول السلطة عن طريق وضع نفسها في خانة القيادة للدولة والمجتمع و استلاب كل شيء في الوطن.

وجاء في المادة / 84 / فقره / 1 / أن ترشيح رئيس الجمهورية يتم بناء على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث وترشيح مجلس الشعب ثم استفتاء شعبي وبالتالي فقد حصر الدستور رئاسة الجمهورية بالبعثيين فقط وحرم باقي الفئات من المشاركة السياسية في البلاد.

كذلك نصت المادة / 53 / الذي حصر نصف أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين وكون هؤلاء ينتمون إلى نقابات هي بالأساس فروع لحزب البعث أو تابعة لها لذلك فإنها تدخل الانتخابات بقوائم جاهزة و نجاحها في مجلس الشعب مؤكدة وهذا يؤدي إلى سيطرة حزب البعث على مجلس الشعب كذلك.

وهذا الأمر يستتبع أن مجرد الانتماء إلى حزب البعث يمنح الفرد وضعاً سياسياً استراتيجياً وهذا أدى إلى تركيز كل السلطات في جماعة فئوية معينة وصغيرة تملك كل شيء وبالتالي تم إلغاء التعددية السياسية وكرس لحكم الحزب الواحد وهذا بطبيعة الحال يؤدي إلى نتائج سياسية واجتماعية كارثية و انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان في سوريا.

كاتب

التعليقات مغلقة.