مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

افتتاحية العدد 41 –

الافتتاحية

الإبادةُ الجماعية .. نتاجُ الذهنية الدينوقوموية الشوفينية

 

تعدّ سياسةُ الإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي التي تستهدف تصفية شعب أو جماعة ما، ركيزةً لنظام الحداثة الرأسمالية وأدواتها التنفيذية، ولاسيما الأنظمة الدينوقوموية الشوفينية التي أضحت رهينةً لسياسات النظام العالمي المهيمن، والذي يسعى بكل إمكاناته إلى إفناء الشعوب الأصيلة في منطقة الشرق الأوسط ” كرد، أرمن، سريان، آشور، كلدان، عرب …الخ”، كون هذه الشعوب تمتلك إرثاً حضارياً تاريخياً أصيلاً يمتد إلى آلاف من السنوات.

فالحضارةُ البشرية انبثقت في البداية من عمق منطقة الشرق الأوسط (ميزوبوتاميا “بلاد ما بين النهرين – دجلة والفرات”  وخط “زاغروس – طوروس”  وبلاد الشام ومصر)، ومنها انطلقت إلى بقاع العالم كله.

إنّ الحداثةَ الرأسمالية تستهدف في كينونتها الثقافات والتقاليد المجتمعية الأصيلة، وتسعى لاستبدالها بثقافة بعيدة عن المجتمع ومزيفة قوامها “الفردانية المطلقة، الاستغلال، الجشع، المادية المطلقة، العبودية، الحط من شأن المرأة…الخ”، كون المجتمعات التي تفقد ثقافتها وتقاليدها الأصيلة تصبح ضعيفة، ولقمة سهلة أمام أي هجمة من الخارج.

ولذلك فإن الشعوبَ التي لاتزال تحتفظ بإرثها الحضاري والثقافي الأصيل أصبحت هدفاً للممارسات الإبادية من قبل القوى التي تدير النظام العالمي المهيمن والأنظمة الدينوقوموية الشوفينية المرتبطة بها. فتلك القوى تسعى للسيطرة التامة على الذهنية البشرية من خلال نشر ثقافة لا مجتمعية مزيفة، وبالتالي لتسهيل فرض سياساتها ومخططاتها التدميرية في العالم.

إن الذهنية القوموية “الاستعلائية والعنصرية المتطرفة” التي تتبناها الأنظمة الدينوقوموية الحاكمة في منطقة الشرق الأوسط أضحت بلاءً على شعوب ومجتمعات المنطقة، من خلال سياسات التتريك والتعريب والتفريس والتهويد وإبادة وتهجير الشعوب والتي لاقت دعماً من النظام العالمي المهيمن.

في هذا العدد نتناول ملف “الإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي في منطقة الشرق الأوسط”، حيث نبدأ أولاً من مفهوم الإبادة وأشكالها “الجسدية، العرقية، المجتمعية، الثقافية، الحضارية، الجغرافية..”، وبعدها نذكر نماذج من الإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي التي جرت ولاتزال بحق شعوب المنطقة، وأخيراً نتناول طرق وأساليب مواجهة الإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي في المنطقة.

 

هيئة التحرير

 

 

 

كاتب

التعليقات مغلقة.