مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

الدورُ الدَوْلي في سياسة الإبادة الجماعية الجارية في المنطقة، وسبل مواجهة التدخلات الخارجية (الأجندات الخارجية)

د. مهدي كاكه يي

لم يكن مصطلح (الإبادة الجماعية) معروفاً قبل سنة 1944م. هذا المصطلح له مدلول خاص، حيث أنه يشير إلى جرائم القتل الجماعي المرتكبة بِحق مجموعات معينة من البشر بِقصد تدمير وجودهم كلياً. في عام 1944م، سعى محامٍ يهودي پولندي يُدعى (رافائيل ليمكين Raphael Lemkin) (1900-1959) إلى وضع وصف للسياسات النازية للقتل المنظّم، بما في ذلك إبادة الشعب اليهودي في أوروبا. قام (ليمكين) بإيجاد مصطلح الإبادة الجماعية (Genocide) بالجمع بين كلمة (geno) اليونانية والتي تعني (سُلالة أوعِرق أوقبيلة) وكلمة (cide) اللاتنية التي تعني (قتل) وقام بشرحه في كتابه المعنون (القاعدة المحورية في أوروبا المحتلة Axis) Rule in Occupied Europe) الذي أصدره في سنة 1944م.

عندما كان (رافائيل ليمكين) يقوم بصياغة هذا المصطلح الجديد، كان  يضع في اعتباره مفهوم “وضع خطّة منظمة مؤلفة من إجراءات مختلفة تهدف إلى تدمير الأساسيات الضرورية لحياة مجموعات قومية، بهدف إبادة تلك المجموعات. خلال محاكمات نورمبرگ  Nuremberg Trials”” التي أُجريت في ألمانيا في سنة 1945م، وجهت المحكمة العسكرية الدولية الاتهامات إلى كبار القادة النازيين بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”. اشتملت الاتهامات على كلمة “الإبادة الجماعية”، ولكن ككلمة وصفية، وليست باعتبارها مصطلحاً قانونياً. بِفضل الجهود الكبيرة المتواصلة التي بذلها (ليمكين) في أعقاب الهولوكوست (Holocaust)، في 9 ديسمبر/كانون الأول 1948م، أقرّت الأمم المتحدة اتفاقية تقضي بمنع جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها وتمّ وضع هذه الاتفاقية موضع التنفيذ في 12 يناير/كانون الثاني 1951م. اعتبرت هذه الاتفاقية الإبادة الجماعية بمثابة جريمة دولية تتعهد الدول الموقّعة عليها بِمنعها والمعاقبة عليها. المادة الثانية من هذه الاتفاقية الدولية تُعرّف الإبادة الجماعية بأنها ارتكاب أي عمل من الأعمال بِقصد الإبادة الكليّة أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العِرق أو الجنس أو الدين وهذه الأعمال هي[1]:

  1. قتل أعضاء الجماعة.
  2. إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.
  3. إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الجسدي للجماعة كلياً أو جزئياً.
  4. فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.
  5. نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى.

 

إبادات جماعية في الشرق الأوسط

 

قتل (تيمورلنك) في سنة 1378م (70000) شخصاً من سكان أصفهان وصنع من رؤوسهم أبراجاً. وفي سنة 1393م استولى (تيمورلنك) على (الرها) و(تكريت) وأقام في كل منهما هرماً من الرؤوس. وفي سنة 1398م استولى ( تيمورلنك) على مدينة (دهلي) وقتل ثمانين ألفاً من أهلها وفي سنة 1401م احتل مدينة بغداد وقتل ما بين خمسة وعشرين ألفاً وأربعين ألفاً من سكانها. أما في العصور الحديثة فقد قام نابليون بِقتل ما بين ألفين وثلاثة آلاف من أسراه العرب، عندما أخفق أمام (الجزار) في مدينة عكا في سنة  1799م. قتل الفرنسيون آلاف الجزائريين أيضاً خلال احتلالهم للجزائر.

المؤرخون يؤكدون أن الحكومة التركية في سنة 1937 و1938م قامت بقتل حوالي 75 ألف من الكرد في مجزرة ديرسم في شمال كردستان، بِمَن فيهم قائد الثورة، سيد رضا. كما أنها قامت بإجلاء نحو11000 شخصاً من ديرسم قسراً[a].

أقرّت الحكومة السورية في عام 1965م مشروع الحزام العربي الذي كان يهدف إلى تفريغ منطقة الجزيرة أو محافظة الحسكة من السكان الكرد الأصليين وتوطين أُسر عربية بدلاً عنهم. امتد الحزام بطول 300 كيلومتر وعرض 10-15 كيلومتر، من الحدود العراقية في الشرق إلى سري كاني (رأس العين) في الغرب [2]. اغتنمت السلطات فرصة بناء سد الفرات ومشروع إعادة توزيع الأراضي الزراعية للاستيلاء على أراضي الفلاحين الكرد لإقامة مزارع نموذجية مزوّدة بالمياه والمدارس والحماية الأمنية، وتمليكها لفلاحين عرب غمرت مياه السد قراهم. تم توطين أكثر من أربعة آلاف أسرة عربية في الشريط الحدودي وتوزيع أكثر من 700 ألف دونم من الأراضي المصادرة عليهم [b]. رافقت ما سبق سياسة ممنهجة كانت تهدف إلى طمس الهوية الكردية وصهر الكرد في غرب كردستان في بوتقة القومية العربية، والتي تجلّت في قمع الحركة السياسية الكردية واعتقال نشطائها وتغيير الأسماء الكردية التاريخية لمئات القرى والبلدات والتلال والمواقع واستبدالها بأسماء عربية، وحرمان الكرد من التحدث بِلغتهم ومنع الموسيقى والأغاني الكردية.

ونفذ النظام البعثي في العراق عمليات قتل لآلاف الفيليين، وتعرّض الباقون منهم إلى عمليات التسفير القسري. كما قام هذا النظام بِعمليات إبادة لأكثر من ثمانية آلاف بارزاني. في سنة 1988م قام النظام العراقي بِحملات إبادة جماعية رهيبة ضد الشعب الكردي في جنوب كردستان والذي أطلق عليها “حملات الأنفال” والتي تمّ تنفيذها على ثماني مراحل. في هذه الحملات العسكرية، تمّ قتل أكثر من 182 ألف مواطن كردي من مختلف الفئات العمرية، وكانت غالبيتهم من النساء والأطفال، حيث قامت قوات النظام البعثي بِدفن غالبية الضحايا وهم أحياء في صحارى جنوب العراق ومناطق العراق الأخرى[3].

قام النظام البعثي في سنة 1988م بِقصف مدينة حلبجة في جنوب كردستان بالأسلحة الكيميائية، فاستهدف السكّان المدنيين العُزّل، والتي راحت ضحيته خمسة آلاف شخص من أطفال ونساء وشيوخ ورجال ونساء بريئات وتمّت إصابة خمسة آلاف آخرين. لا يزال سكان المنطقة يعانون من آثار الغازات السامة المستخدمة في هذه الجريمة البشعة، حيث تلد النساء والحيوانات ولادات مشوّهة وأصبحت أراضي المنطقة غير صالحة للزراعة بسبب تسرّب السموم الى تُرب المنطقة.

كما قامت الدول المُغتصِبة لِكردستان بِعمليات تهجير وترحيل ممنهجة لِمئات الآلاف من الكرد من مدنهم وبلداتهم وقراهم في كافة مناطق كردستان الى المناطق التركية في تركيا والمناطق العربية في كل من سوريا والعراق والمناطق الفارسية في إيران وجلب أتراك وعرب وفرس وتوطينهم في كردستان في عملية إبادة عرقية وإتباع مُغتصبي كردستان سياسة الأرض المحروقة في كردستان.

 

ظروف ذاتية سانحة لارتكاب إباداتٍ جماعية

 

قبل التحدث عن الدور الدولي في سياسة الإبادة التي تجري في منطقة الشرق الأوسط، من الضروري تحديد العوامل الذاتية التي تخلق بيئة خصبة في المنطقة لِتنفيذ الإبادات الجماعية فيها بِغض النظر عن الجهات القائمة بها والواقفة خلفها، حيث أنه بدون توفر ظروف مُتاحة لاقتراف جرائم الإبادة الجماعية بِحق شعوب المنطقة، لا يمكن حدوثها. هنا نحدد أهم العوامل الذاتية التي خلقت ظروفاً مناسبة لارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في المنطقة. من جهة أخرى، فإنّ هناك وسائل محدودة لمنع الدول الكبرى من التسبب في ارتكاب عمليات الإبادة الجماعية في المنطقة لأنها دول تستخدم كل الوسائل المتاحة لديها للحفاظ على مصالحها في هذه المنطقة وبسط نفوذها وسيطرتها عليها وإيجاد حكومات حليفة لها، بِغض النظر عن طبيعة هذه الحكومات والتي قد ترتكب جرائم الإبادة الجماعية وتقوم الدولة أو الدول الكبرى الداعِمة لها بالتكتم على جرائمها، حيث أنّ كل دولةٍ عظمى تحاول منع الدول الكبرى الأخرى المنافِسة لها من الحصول على النفوذ في المنطقة وتهديد أمنها القومي وتعريض مصالحها للخطر.

 

العوامل الذاتية المساعدة في ظهور ظاهرة الإبادة الجماعية هي عوامل متداخلة، تتفاعل فيما بينها، مُنتِجةً ظروفاً تُساعد في اقتراف إبادات جماعية بشِعة رغم عيش البشرية في عصر بزوغ الأفكار والقيم الإنسانية وانتشار مبادئ الديمقراطية وحريات وحقوق الشعوب والأفراد في الحياة وفي تقرير المصير.

  1. تخلّف شعوب دول المنطقة: هذا العامل هو العامل الأهم والحاسِم الذي يتسبب في وقوع جرائم الإبادة الجماعية بِحق شعوب المنطقة. نتيجة تخلّف مجتمعات الشرق الأوسط، تقْدِم مكوّنات هذه المجتمعات على القيام بإبادة المكوّنات المنافسة لها في السلطة، النفوذ أو الثروة، أو المختلفة عنها في الدين، المذهب، القومية، الأيديولوجيا أو الثقافة. التخلّف ناتج عن أسباب عديدة، منها الجهل المنتشر بين شعوب المنطقة وعوامل دينية ومذهبية وسياسية واجتماعية التي تُبلور عقلية الإنسان وثقافته وأفكاره وشخصيته وسلوكه. لذلك فإنّ هذه المجتمعات غير مؤهلةٍ لبناء أنظمة حُكمٍ ديمقراطية وقبول التعددية والرأي المختلف والاعتراف بحق الشعوب والأفراد في تقرير مصيرها بنفسها وتكون مستعدة أن تُلغي الآخر المُختلف، حتى لوكان ذلك عن طريق الإبادة الجماعية. من الجدير بالذكر أنّ تأهيل هذه الشعوب وتطويرها يستغرقان وقتاً طويلاً يمتد الى أجيال عديدة.

 

  1. رضوخ شعوب المنطقة لِحُكم أنظمة دكتاتورية شمولية: حكمت أنظمة دكتاتورية شمولية شعوب الشرق الأوسط لِفترة طويلة من الزمن، التي لم تكتفِ بإعاقة تطور الأفراد والمجتمعات التي رزحت تحت حكمها، بل حّرفت مسار التغّيرات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لهذه المجتمعات وخلقتْ منها مجتمعات مريضة عنصرية وطائفية، تلجأ الى العنف والإرهاب والكراهية في سبيل تحقيق أهدافها، بسبب الاضطهاد والإرهاب والتعذيب والسجون التي تعرضتْ لها هذه المجتمعات والحروب المدمرة التي أُرغمتْ على خوضها ومعاناتها من الجهل والمرض والجوع. نتيجة البيئة السيئة والمرعبة التي نمت وترعرعت فيها أجيال عديدة من هذه المجتمعات في ظل أنظمة استبدادية والمعاناة التي عاشوا فيها، فإن هذه المجتمعات تحتاج الى أجيال عديدة لتصبح مجتمعات سليمة تتعافى من أمراضها الاجتماعية والنفسية وأن تستفيق من عالَم الرعب والخوف الذي عايشه وأن تستعيد إنسانيتها وتتخلص من شخصيتها الممسوخة والمزيّفة وتصبح مؤهلة للبدء بمسيرتها التطورية الطبيعية للعمل على تحقيق التقدم والرُقي وللتمكن من التفاعل والتلاقح مع المجتمعات الراقية، لتصبح جزءاً من العالم المتحضر والمتقدم. عليه يجب أن لا ننتظر حدوث المعجزات حتى بعد خلاص هذه الشعوب من هذه الأنظمة المتخلفة التي تستخدم وسائل القتل والعنف والتعذيب والسجون والإرهاب والتجويع والكبت والحرمان في سبيل بقائها واستمرارية حُكمها. لذلك لا يمكن تغيير هذه المجتمعات المريضة الى مجتمعات سليمة خلال بضعة أشهر أو بضع سنين، حيث أنّ هذه المجتمعات تحتاج إلى فترة نقاهة تمتد لعدة أجيال للتخلص من أمراضها. كما أنّ تغيير هذه المجتمعات إيجابياً يتم فقط في حالة توفر ظروف طبيعية لهذه المجتمعات لاستعادة وعيها وإرادتها وعافيتها وحريتها وأمنها، وإلا ستستمر عائشة في ظلام التأخر والتخلف والعنف وارتكاب جرائم الإبادات الجماعية.

 

  1. الدين: يدّعي كل دين بامتلاكه الحقيقة المطلقة وأنه الدين الحقّ الذي اختاره الإله للبشرية على كوكبنا الأرضي وأنّ كل الأديان الأخرى باطلة. الأديان التبشيرية بشكلٍ عام تُحشر عقول معتنقيها بالكراهية للأديان الأخرى واستخدام العنف والإرهاب في نشر معتقداتها، حيث أنّ المدارس في مناهجها تُلقّن الأطفال الصغار الأبرياء بِكراهية الأديان الأخرى ومعاداتها والقضاء عليها. كما أن وسائل إعلامها تقوم بِعملية غسل دماغ المجتمعات في المنطقة وتدعو إلى نشر المعتقدات الدينية بالقوة والإرهاب والقتل. ظهور أحزاب دينية سياسية في مجتمعات الشرق الأوسط، يساهم بشكل كبير في تهيئة ظروف تُشجّع على الإرهاب والإبادة الجماعية، بالإضافة الى خلط الدين بالسياسة وفرض الشرائع الدينية للدين السائد على هذه الشعوب دون مراعاة حرية المعتقد وحرية معتنقي الأديان الأخرى بالاحتفاظ بأديانها وممارسة طقوسها الدينية والاحتفاء بمناسباتها وأعيادها الدينية. استطاعت الدول الغربية أن تعزل الدين عن السياسة وبذلك أبعد الدين الى حدٍّ كبير عن النفوذ والسلطة والتأثير على شعوب هذه الدول. كما أنّ هذه الدول قامت بِسنّ قوانين تُجرِم نشر الكراهية والتحريض على العنف والتي من خلالها استطاعت الحدّ من انتشار روح الكراهية بسبب الدين، المذهب، العِرق، القومية، اللون، الجنس أو القدرة البدنية أو العقلية للإنسان وبذلك نجحت هذه الدول في إرساء السلم الأهلي في مجتمعاتها والحدّ من العنف. لذلك يجب أن تحذو دول المنطقة حذو الدول الغربية لتتمكن من منع وقوع إبادات جماعية.

 

  1. إنشاء كيانات سياسية مصطنعة في المنطقة: تكمن المشكلة في الشرق الأوسط أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تمّ إبرام إتفاقية سايكس – بيكو، التي بموجبها تمّ إجبار وحشرْ مجموعات عرقية ودينية ومذهبية متنافرة في العيش المشترك في كيانات سياسية دون إرادتها والتي لا تجمعها بالبعض سوى الجغرافية. خلال فترة هذا الجمع القسري، لم تتم إتاحة الفرصة لهذه الشعوب والقوميات والطوائف، لتتفاعل مع بعضها لتكوين ثقافة موحدة وإيجاد مصالح وأهداف مشتركة، توحّد هذه المجموعات البشرية وتخلق مجتمعات متجانسة، تشعر بالانتماء الى هذه الكيانات السياسية الجديدة. لذلك نرى أنّ كل دولة من دول المنطقة تتكون من مزيج من شعوب وقوميات وأصحاب ديانات ومذاهب متنافرة فيما بينها بسبب تفرّد فئة معينة، سواء كانت مجموعة قومية أو دينية أو مذهبية، بالحكم في هذه الدول لفترات طويلة ومحاولتها إلغاء الشعوب والقوميات والأديان والمذاهب والطوائف الأخرى. على سبيل المثال، تعيش في سوريا، قوميات عربية وكردية وأرمنية وشركسية وسريانية وتركمانية. دينياً، يعيش هناك مسلمون ومسيحيون وعلويون ودروز وأيزيديون ومذهبياً، هناك سُنّة وشيعة. التنافر بين هذه المكوّنات يخلق ظروفاً جيدة للقيام بالإبادات الجماعية بِتحريضٍ من قوى دولية تقتضي مصالحها خلق ظروفٍ سياسية غير مستقرة في المنطقة.

نتيجة تخلّف شعوب المنطقة، والتراكمات التاريخية والثقافية في هذه المجتمعات والتربية العنصرية والعدائية المترسخة في فكر شعوب المنطقة، فإنّ  مجتمعات منطقة الشرق الأوسط المتخلفة التي تتألف من شعوب وقوميات وإثنيات وأديان ومذاهب متنافرة ومتعادية، لا تجمع بينها وحدة المصالح والأهداف والمصير لأسباب تاريخية وسياسية وثقافية متراكمة. لذلك بعد مرور حوالي مائة سنة على إنشاء هذه الكيانات المصطنعة، فشلت هذه المجتمعات الهجينة في العيش المشترك وتكوين هويات وطنية مشتركة لها وتسببت هذه الوحدة القسرية لهذه المجتمعات المتنافرة في إزهاق الملايين من أرواح مواطنيها، بما فيها من خلال الإبادات الجماعية، كما حصلت في مدينة حلبجة الكردستانية وحملات الأنفال التي تعرّض لها الشعب الكردي والتي حصدت أرواح أكثر من 182 ألف من بناته وأبنائه. لذلك فإنّ أي محاولة للجمع بين هذه المجتمعات المتخلفة المتضادة، ستفشل لأنها لا تستند على البُنية الفكرية والثقافية والسياسية المتنافرة لهذه المجتمعات. الهجمة الوحشية لإرهابيي داعش على غربي وجنوبي كردستان وسوريا والعراق، تكشف بِوضوح عن الدور التخريبي للدين في المنطقة والعلاقة العدائية السائدة بين إثنيات وقوميات وطوائف المنطقة وسيادة الفكر القومي والديني والمذهبي في هذه المجتمعات وهذا يُثبت سذاجة النظرية القائلة بِإمكانية العيش المشترك بين المكونات القومية والدينية والمذهبية في منطقة الشرق الأوسط ضمن كيانات سياسية موحّدة.

المجتمعات المتحضرة الهجينة عرقياً أو مذهبياً، تعاني من مشاكل كبيرة نتيجة التعدد القومي أو المذهبي فيها. حيث نرى أن دولاً متقدمة ومتحضرة تعاني من المشكلة القومية، على سبيل المثال، يطالب كل من الشعب الباسكي والكتلاني بالاستقلال عن إسبانيا. وفي بلجيكا، الخلاف مستمر بشكل متواصل بين سكان القوميتين الرئيسيتين الناطقتين بالهولندية والفرنسية اللتين تعيشان في إقليمَي فلاندرز ووالونيا على التوالي. افتقار القوميتين للانسجام والتفاهم على العيش المشترك، يجعل الظروف السياسية في بلجيكا أن تكون غير مستقرة باستمرار. حزب التحالف الفلمنكي الجديد (N-VA) للسكان الناطقين بالهولندية، الذي هدفه استقلال فلاندر عن بلجيكا، حصل في الانتخابات البرلمانية الأخيرة على حوالي 20% من أصوات المقترعين (30 مقعد من مجموع 150 مقعد في مجلس العموم البلجيكي) وبذلك يصبح أكبر حزب في البلاد، مما ستجعل البلد أن تتجه نحو التقسيم. يتكهن بعض المؤرخين والمحللين السياسيين بأنه ستنشأ من بلجيكا دولتان مستقلتان خلال 10 إلى 15 سنة القادمة. في بريطانيا، هناك أحزاب أسكتلندية وإيرلندية شمالية وويلزية تناضل من أجل استقلال كل من أسكتلندا وإيرلندا الشمالية وويلز على التوالي. في الوقت الحاضر يقود الحزب القومي الأسكتلندي، الذي يرفع شعار استقلال أسكتلندا، الحكومة الأسكتلندية.

وفي كندا، هناك حركة مستمرة في إقليم كيبك، الذي سكانه من الناطقين باللغة الفرنسية، تطالب بالاستقلال. نرى أنه في هذه البلدان الديمقراطية المتحضرة توجد أحزاب وحركات تعمل من أجل استقلال أوطانهم عن تلك الدول بسبب الاختلاف القومي، بالرغم من الحقوق التي تتمتع بها هذه الشعوب الطامحة في الاستقلال. كيف يكون الأمر بالنسبة للشعوب الأمازيغية والكردية والبلوشية والقبطية والنوبية وغيرها التي تعرضت وتتعرض للإبادة الجماعية والإلغاء والتعريب والتتريك والتفريس في الدول المُغتصِبة لبلدانها؟! لذلك فإنّ الاعتقاد بإمكانية العيش المشترك لهذه الشعوب مع الشعوب المُغتصِبة لِأوطانها ضمن الكيانات السياسية المصطنعة، هو اعتقاد خاطئ مبني على الوهم وبعيد جداً عن الواقع. كما نرى فإنه منذ تقسيم المنطقة، تُعاني شعوب المنطقة من عدم الاستقرار والحروب والإبادة الجماعية ومحاولات إلغاء هويات ولغات وثقافات وتاريخ الشعوب المُغتصَبة أوطانها والعمل على مسخ شخصيتها وتدمير البنى التحتية لبلدان المنطقة وهدر ثرواتها.

  1. الحروب: كانت منطقة الشرق الأوسط ولا تزال ساحةً للحروب والقتل والدمار التي خلقت ثقافة العنف والقتل والتي بِدورها تهيء أرضية لاقتراف جرائم الإبادة الجماعية.
  2. الفقر والبطالة: نتيجة الإدارة الفاسدة والفاشلة لحكومات منطقة الشرق الأوسط، ينتشر الفقر والبطالة بين شعوب المنطقة واللذان يؤديان الى إحداث مشاكل اجتماعية ونفسية كبيرة، تجعل هذه الشريحة المحرومة على استعدادٍ ليتمّ استغلالها من قِبل حكومات المنطقة أو المجاميع الإرهابية وزجّها في المساهمة في عمليات الإبادة الجماعية.

 

أسباب قيام الدول الكبرى بالتحريض المخفي على الإبادة الجماعية أو التستّر عليها

 

منطقة الشرق الأوسط لها موقع استراتيجي هام، حيث أنها تربط بين قارة آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتقع على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والبحر الأسود والخليج الفارسي. إنها منطقة تحتفظ في باطنها أكبر احتياطي العالم من البترول وغنية كذلك بأنواعٍ مختلفة من المعادن وبالمياه العذبة من خلال نهر دجلة والفرات والنيل. إنّ دول المنطقة هي دول متخلفة اقتصادياً وصناعياً وزراعياً وتكنولوجياً وتمتاز بِنفوسٍ سُكّانية عالية ولذلك فهي سوق رائجة لِشركات وسلع ومنتجات الدول الصناعية. كما أنّ الإخلال باستقرار المنطقة وخلق الحروب فيها ضروريان للدول الكبرى لِتصدير الأسلحة الى دول المنطقة وأن استمرارية الحروب والصراعات في المنطقة تؤمّن استمرارية رواج صناعة الأسلحة والإتّجار بها من قِبل الشركات في الدول الصناعية. هكذا تريد الدول الكبرى تأمين احتياجاتها من البترول والمعادن والمواد الأولية لِصناعتها والاحتفاظ بِمنطقة الشرق الأوسط كَأسواقٍ لمنتجاتها وأسلحتها. كما أن الدول الكبرى تعمل على خلق عدم الاستقرار واستمراريته لإبقاء بلدان المنطقة متخلفة وتدمير البنى التحتية لها واستنزاف ثرواتها البشرية والمادية لتبقى هذه الدول معتمدةً في غذائها وملبسها وكافة احتياجاتها الأخرى على الدول الصناعية والاضطرار الى استنزاف مواردها الطبيعية من بترول وغاز طبيعي ومعادن وتدمير بيئتها، بالإضافة الى شراء المزيد من الأسلحة. من بين النتائج الكارثية التي تٌسبّبها استراتيجية الدول الكبرى في الشرق الأوسط هي ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في دول منطقة الشرق الأوسط.

تقوم عادةً حكومات دول منطقة الشرق الأوسط بارتكاب الإبادات الجماعية بِحق شعوبها. كما تقوم المجاميع الإرهابية باقتراف هذه الجرائم. التنافس بين الدول الكبرى في الاستحواذ على النفوذ والسيطرة في المنطقة والتناقض بين مصالح الدول الكبرى في المنطقة تؤدي الى محاولة الدول الكبرى إيجاد حكومات حليفة لها في المنطقة. كل دولة أو مجموعة من الدول الكبرى تغضّ النظر عن الإبادات الجماعية التي تقوم بها الحكومات الحليفة لها في المنطقة، بل تتكتم على هذه الجرائم وتنكرها، كما حدثت عند قصف مدينة حلبجة الكردستانية بالأسلحة الكيميائية من قِبل النظام العراقي في سنة 1988م وقيامه في نفس السنة بِمجازر حملات الأنفال التي أودت بِحياة أكثر من 182 ألف مواطن كردي بريء، تمّ دفنهم أحياءً في الصحارى العراقية في تكتّمٍ عالمي مُريع على هذه الإبادة الجماعية المُروّعة. كما أنّ المجاميع الإرهابية مثل (داعش) و(القاعدة) تقوم بارتكاب الإبادات الجماعية، كما قامت به (داعش) من إبادة جماعية للأيزيديين وقامت ببيع النساء الأيزيديات في مزادات علنية. قد تقوم بعض الدول الكبرى بتأسيس مجاميع إرهابية للإخلال باستقرار المنطقة ونشر الصراعات والحروب فيها لتحقيق استراتيجياتها في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي الوصول الى أهدافها والحفاظ على مصالحها.

 

وسائل منع ارتكاب الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها

  1. إجراءات الأمم المتحدة: خلال انعقاد اجتماع منظمة الأمم المتحدة لملوك ورؤساء الدول والحكومات في العالم في سنة 2005م، أقر الجميع المسؤولية لِحماية سكان العالم من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. إقرار هذا المبدأ من قِبل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة يُشكّل التزاماً رسمياً لِدول العالم به والذي يهدف الى جعل العالم خالياً من هذه الجرائم.

مسؤولية الحماية (Responsibility to Protect- R2P or RtoP) التي تمّ إقرارها من قِبل منظمة الأمم المتحدة، تستند على ثلاث ركائز، تهدف اثنتان منها إلى منع الأعمال الوحشية الجماعية (المُعرّفة بأنها الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية).

تؤكد الركيزة الأولى على مسؤولية كل دولة عن حماية سكانها المدنيين من هذه الجرائم؛ وتتناول الركيزة الثانية بناء القدرات لدى الدول الضعيفة أو الفاشلة، بهدف دعم المؤسسات وتسهيل الوفاء بالأهداف المنصوص عليها في الركيزة الأولى. وتُركّز الركيزة الثالثة على التصدي للفشل في منع هذه الجرائم. فإذا لم تضمن الركيزتان الأولى والثانية منع الأعمال الوحشية الجماعية، فسوف يتحمل المجتمع الدولي مسؤولية اتخاذ التدابير السلمية المناسبة، إن أمكن، لِحماية السكان المعرّضين للهجوم.

واتخاذ التدابير العسكرية التي يسمح بها مجلس الأمن الدولي، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لا تعد سارية إلا عندما تقع الجرائم في إطار إحدى الجرائم الأربع سالفة الذكر، وأن تكون جميع الخيارات غير العسكرية قد استنفدت. لذلك لا يمكن استبعاد الصراعات الداخلية من جدول أعمال مجلس الأمن الدولي لمجرد أنها محصورة داخل حدود الدولة.

ورغم مرور سنين عديدة على إقرار مبدأ حماية مواطني دول العالم من الإبادة الجماعية، إلا أنّ جرائم الإبادة الجماعية تتواصل بسبب تراجع الاهتمام الدولي، وانحسار احترام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والانقسام السياسي في هيئات صُنع القرار الرئيسية، مثل مجلس الأمن الدولي. إنّ منع حدوث الإبادات الجماعية واتخاذ الإجراءات العقابية بِحق مرتكبيها، يتطلّبان اتخاذ إجراءات فعالة لِتنفيذ مسؤولية الحماية التي أقرّتها الأمم المتحدة.

من الحقائق المثيرة للقلق أنَّه على الرغم من ظهور الجماعات الإرهابية المسلحة، فإنَّ أخطر الانتهاكات للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، التي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، لا تزال تقوم بارتكابها القوات المسلحة الحكومية والميليشيات التابعة لها وأنّ حكومات تلك الدول تفشل في محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية. على الصعيد الدولي، هناك بعض الدول في نظام روما الأساسي، الذي تمّ بموجبه إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، لا تتعاون مع المحكمة وفي نفس الوقت لا تنسحب من نظام روما الأساسي وذلك لِتفادي التحقيق في الجرائم الفظيعة ومقاضاة مرتكبيها. يعارض مجلس الأمن أيضاً بصورة متزايدة إحالة الحالات إلى المحكمة، وأنَّ بعض الزعماء السياسيين يسعون للحصول على الحصانة من المساءلة القانونية.

الهيئات الحكومية الدولية الرئيسية التابعة للأمم المتحدة قد ناقشت المسؤولية عن الحماية وأشارت إليها، للمساعدة في مهام الإنذار المبكر والتحرك المبكر. كما أنه يجب القيام

بِتطوير شبكات إقليمية وعالمية من مراكز التنسيق بشأن مسؤولية الحماية ومنع الإبادة الجماعية والجرائم الفظيعة، والذي سيدعم تطوير الهيكل الوطني والإقليمي اللازم لتنفيذ هذا المبدأ وتشجيع تبادل الممارسات والخبرات الجيدة. يجب أيضاً العمل على زيادة الوعي بين المُشرّعين والبرلمانيين بشأن المسؤولية عن الحماية. كما أنه لابد من مواصلة العمل، وبذل مزيد من الجهود لإعطاء الدول الأعضاء مزيداً من الإيضاح عن أسس اتخاذ إجراء جماعي في إطار الركيزة الثالثة من المسؤولية عن الحماية، ولا سيما بالنظر في إجازة مجلس الأمن لاستخدام القوة العسكرية عندما تفشل الدول في حماية سكانها.

على الرغم من أنَّ الدول الأعضاء قد أكدت مراراً وتكراراً دعمها لمنع وقوع الإبادة الجماعية، فإنَّ ذلك لم يُترجم بشكلٍ كافٍ إلى دعم ملموس للاستراتيجيات الوقائية والذي يتطلب إجراء تقييمات صائبة لأوجه الضعف الوطنية. تصرّ الأمم المتحدة باستمرار على أنَّه لا يمكن لأية دولة أو منطقة أن تعتبر نفسها مُحصّنة ضد خطر الإبادة الجماعية، وأن تبدأ جميع الدول بالتركيز على مسؤولياتها المُبيّنة في الركيزة الأولى ويجب أن يبدأ منع وقوع الإبادة الجماعية من الداخل. يتطلب التنفيذ أن تعمل مختلف فروع الحكومة، جنباً إلى جنب مع منظمات المجتمع المدني والجهات الفاعلة في القطاع الخاص، لوضع سياسات محددة وثقافة عالية للوقاية.

على الصعيد الداخلي، يجب على كل مجتمع النظر الى عوامل الخطر الخاصة به ومصادر القدرة على الصمود، والاستجابة من خلال الطرق الموضوعة طبقاً لتناسبها مع كل سياق. يمكن استخدام العمليات القائمة، مثل الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان، لتشجيع الدول على تقييم المخاطر طويلة الأمد وتحديد التدابير الكفيلة بالحدّ منها ويتطلب ذلك بطبيعة الحال، نقل المسؤولية عن الحماية إلى ما وراء الدوائر الدبلوماسية في نيويورك وجنيف والمراكز الإقليمية، نحو آليات صنع السياسات الوطنية ومواصلة الأمم المتحدة دعم جميع الجهود الرامية إلى تعزيز القدرة على الصمود في وجه جرائم الإبادة الجماعية عن طريق اتخاذ إجراءات وقائية. كذلك يجب أن تقوم بِتقوية ودعم دور المؤسسات المحلية لحقوق الإنسان في دول المنطقة.

بيد أن العقبة الرئيسية لا تزال تتمثل في المصالح السياسية القوية من جانب الدول الكبرى التي تعمل على عرقلة العمل المبكر لمعالجة الحالات التي يتعرض فيها السكان للخطر. وكان هذا هو الحال بشكل واضح مع الأزمة التي اندلعت في سوريا خلال صيف عام 2011م، واستمرت تلك الدول في عرقلة اتخاذ إجراءات حاسمة، حيث أنَّ الحرب الأهلية أظهرت حالات أكثر تكراراً ووحشية من الجرائم الفظيعة. لذلك يجب إيجاد سبل لتوسيع القاعدة السياسية داخل مجلس الأمن من أجل اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة في الوقت المطلوب. من بين المواضع التي ينبغي البدء فيها، السعي إلى التزام أعضاء المجلس بِعدم الممانعة في اتخاذ أي إجراء يرمي إلى التصدي لخطر الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية. هناك مبادرات قائمة في الوقت الراهن التي تسعى إلى الحصول على هذا الالتزام في كيفية منع الإبادة الجماعية في حالة غياب الوحدة في المجلس. هذه المبادرات تتضمن حظر استخدام حق النقض (فيتو) في حالات الأعمال الوحشية الجماعية لاستعادة مصداقية مجلس الأمن وفعاليته في الوقاية من الأعمال الوحشية الجماعية.

حينما تكون هناك أدلة كافية على ارتكاب أعمال وحشية جماعية متعمدة، ولم تحقق التدابير غير العسكرية إلا القدر اليسير من الحماية للمدنيين، فإنه يمكن لمجلس الأمن الدولي، كملاذ أخير، اللجوء لتفعيل الفصل السابع، الذي يُخوّل استخدام القوة. لقد أصبح مجلس الأمن الدولي يعتمد بشكل متزايد على تفويضات الفصل السابع، وذلك لأن التهديد الأكبر للسلم والأمن الدوليين يبرز حالياً من قِبل أطراف عسكرية غير حكومية متعددة الزعامات، لا يمكن مساءلتها بموجب القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية عن طريق الوسائل التقليدية، كما هو الحال بالنسبة للمنظمات الإرهابية، حيث يسلب الإرهاب السكان أهم حقوق الإنسان الأساسية، ألا وهو الحق في الحياة.

  1. إنشاء فرع تابع للأمم المتحدة يقوم بِمراقبة المناهج الدراسية لِمختلف المراحل الدراسية في دول المنطقة للتأكد من خلوها من الأفكار العنصرية والطائفية ومن التحريض على العنف والإرهاب. يجب أن يتمَ تعريف وتحديد الأشياء الممنوعة التي يجب خلو المناهج الدراسية فيها. كما يجب تأسيس فروع للمجلس في كل دولة من دول المنطقة للقيام بالمهام المُناطة بها في هذا المجال.
  2. إنشاء فرع خاص ضمن منظمة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وقيامها بوضع استراتيجية للقضاء على الفكر الإرهابي بين شعوب دول منطقة الشرق الأوسط وتحديد الوسائل الفعالة لإيقاف التمويل المالي للمنظمات الإرهابية وفرض العقوبات الدولية على كل دولة أو جهة تنشر الفكر الإرهابي أو تشجعه أو تقوم بتمويل الإرهابيين بالمال والسلاح أو أية مساعدات أخرى لهم.
  3. تشكيل لوبي فعّال من قِبل جاليات دول المنطقة في الدول الكبرى بشكلٍ خاص وفي الدول الغربية بشكلٍ عام ومن مواطني الدول المُضيفة ومنظمات المجتمع المدني والكنائس فيها للتأثير على الرأي العام في الدول الكبرى والدول الغربية والضغط على حكوماتها بِعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الشرق الأوسط والامتناع عن دعم وتأييد الحكومات الدكتاتورية والشمولية في المنطقة ومنع قيامها بإنشاء أو دعم المنظمات الإرهابية أو الإخلال باستقرار دول المنطقة. تشكيل مثل هذا اللوبي يُعتبر من الوسائل المُهمّة القليلة المتاحة لِوقف الدول الكبرى في التدخل في الشؤون الداخلية لِدول منطقة الشرق الأوسط ومنعها من دعمها لِحكومات دول المنطقة التي ترتكب جرائم الإبادة الجماعية.
  4. إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الكبير: منطقة الشرق الأوسط الكبير تشمل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كما مرّ ذكره، أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، تمّ تقسيم منطقة الشرق الأوسط بِطريقة عشوائية طبقاً لاتفاقية سايكس – بيكو التي أُبرِمت على ضوء المصالح البريطانية والفرنسية، دون مراعاة إرادة شعوب المنطقة والاختلاف العرقي والثقافي بينها ودون الأخذ بنظر الاعتبار تخلف مجتمعاتها والتناحر بينها. فرض الوحدة القسرية على شعوب المنطقة في كيانات سياسية مصطنعة وهشة، جعلت المنطقة ساحةً للحروب والدمار وسلب حقوق الإنسان، بما فيه القيام بالإبادات الجماعية. للتخلص من حالة عدم استقرار المنطقة والفوضى فيها، يجب إعادة رسم الخارطة السياسية للشرق الأوسط الكبير تبعاً لإرادة شعوبها والخصوصية القومية والثقافية لسُكّانها. إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة تمنع أو تحدّ من تدخّل الدول الكبرى في شؤون المنطقة وجعلها ساحة للحروب بالنيابة عن الدول الكبرى المتنافسة على النفوذ والسيطرة في المنطقة والتي تؤدي الى نشر الفوضى وخلق ظروف غير مستقرة، تستطيع حكومات المنطقة خلالها من ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية دون المساءلة والعقاب بسبب تحالفها مع الدول الكبرى. كما أن الفوضى وعدم الاستقرار تُشكّل بيئة خصبةٍ لِظهور تنظيمات إرهابية في المنطقة وقيامها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، كما قام بها تنظيم داعش الإرهابي ضد الإيزيديين في جنوب كردستان.
  5. إدخال مادة حقوق الإنسان في كافة المراحل الدراسية لتعليم التلاميذ والطلاب على مبادئ حقوق الإنسان وحرية العبادة والمُعتقد والرأي ومبادئ السلم الاجتماعي ونبذ العنف والكراهية والإكراه.
  6. الإشراف على الجوامع والحسينيات ومنعها من التحريض على الكراهية والعنف وتدخلها في السياسة، حيث أنّ الجوامع والحسينيات لها دور كبير في غسل أدمغة الناس وترسيخ الفكر الديني والطائفي المتطرف والإرهاب والكراهية والعنف في عقولهم والذي بِدوره يخلق جماعات إرهابية، تقوم بعمليات إرهابية وارتكاب إبادات جماعية بِحق مُعتنقي الأديان والطوائف الأخرى باسم الدين. بهذا الإجراء يمكن الحدّ من عمليات الإبادة الجماعية وتقليل الفرص أمام الدول الكبرى لِخلق جماعات إرهابية أو استغلالها.
  7. وضع برامج ناجحة للقضاء على الفقر والبطالة في دول منطقة الشرق الأوسط، حيث أنّهما يخلقان بيئة ملائمة لظهور تنظيمات إرهابية ونموها وانخراط الناس فيها من خلال غسل أدمغة الناس وشحنها بأفكارٍ إرهابية، تؤمن بتحقيق الأهداف من خلال الإرهاب ونشر الرُعب في أوساط التجمعات السكانية وارتكاب الإبادة الجماعية.
  8. منع إقامة المدارس الدينية والأحزاب السياسية الدينية في دول المنطقة، حيث أنها تكون مصدراً لترسيخ الطائفية والتحارب بين معتنقي الأديان المختلفة في كل دولة وكذلك ظهور تكتلات دينية وطائفية في المنطقة، كما هو الحال في الوقت الحاضر، حيث تقود إيران الكتلة الشيعية في المنطقة، بينما تقود كلّ من السعودية وتركيا الكتلة السُنّية في المنطقة.
  9. تأسيس مجلس لدول المنطقة للتعاون الاقتصادي والسياسي والأمني لِتحقيق الاستقلال الاقتصادي وإتّباع سياسة مستقلة للتصدّي لِتدخلات الدول الكبرى في شؤون دول المنطقة.

 

المصادر

 

  1. عبد الفتاح بيومي حجازي. المحكمة الجنائية الدولية. مصر، دار الكتب القانونية، 2007.
  2. . أكراد سوريا .. الهوية والحل. الجزيرة نت، 06/04/2011
  3. الدكتور محمد إحسان. الصمت ـ الابادة الجماعية في كردستان العراق. دار المدى للثقافة والنشر، 2015.
  4. http://www.aljazeera.net/news/international/2011/11/23/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D8%AA%D8%B0%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AF

 

  1. I. C. Vanly, The Kurds in Syria and Lebanon, In The Kurds: A Contemporary Overview, Edited by P.G. Kreyenbroek, S. Sperl, Chapter 8, Routledge, 1992, ISBN 0415072654, pp.157,158,161.

 

 

كاتب

التعليقات مغلقة.