مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

مدينة سنجار عبر العصور

جاسم العبيد

جاسم العبيد
جاسم العبيد

 

تقع مدينة سنجار في بلاد ما بين النهرين في إقليم الجزيرة على خطّ طول 42 درجة شرق غرينيتش، وعلى خط عرض 26 شمالًا، وهي قريبة على المدن القديمة (نينوى – قرقيسيا – نصيبين – الرحبة) جاراتها والقوافل مارة بها لامحالة عبر الطرق القديمة.

واشتهرت بكونها مدينة الطرق والقوافل منذ العهود والأزمنة الغابرة لأنها سيطرت على الطريق بين العراق والشام.

ولذلك ذكرت دائمًا في أخبار الحروب القديمة، وهي في وسط برية وفي لحف جبل نسب إليها، وعلى مقربة من واد خصب، ومحاطة بنطاق واسع من السهول الخصبة والمزارع المنتجة.

وبرية سنجار صحراء مستوية أكسبت المدينة شهرة في تحديد محيط الكرة الأرضية لأنها اتخذت في بعض الأوقات مرصدًا فلكيًّا، فقد ذكر المسعودي أنه عندما أشكل على الخليفة العباسي المأمون ما ذكره المتقدمون في مقدار محيط الأرض بعث جماعة من أهل الخبرة بحساب النجوم إلى برية سنجار لإجراء عملية مساحة تحققوا معها، وأثبتوا ما ذكره الأقدمون من أن محيط الكرة الأرضية عشرون ألف ميل ومائة وستون.

وأما جبل سنجار الذي نسب إليها فهو في وسط إقليم الجزيرة، وهو عبارة عن سلسلة جبال تقطعها وهاد عديدة، وينتصب الجبل إلى ارتفاع يزيد على ألفَي قدم، وبطول يناهز الخمسين ميلًا. وفيه عيون وينابيع ماء وتعد تربته أغنى وأخصب بلاد الرافدين، ويعد هذا الجبل من أعظم الجبال الشرقية في بلاد الجزيرة، ويؤلف مظهرًا فريدًا في جغرافية إقليم الجزيرة. لذا كانت له مكانة في المؤلفات الجغرافية القديمة التي تحدّثت عن أخبار بلاد الرافدين وحوادثها، وامتاز بطيب هوائه وعذوبة مائه، وجمال محاسنه، وقد تغنّى الشعراء بكل ما يحيط به.

ويقال: إنّ نبي الله نوح باركه عندما نطحت سفينته به بقوله: ليكن هذا الجبل مباركًا كثير الشجر والماء، وأما الوادي الذي عرف بوادي الحيال؛ فهو واد آت من سنجار ومتصل به، وله فائدة اقتصادية كبيرة، لما تنتجه أراضيه الخصبة من غلال ولما تدره مواشيه من ثروة حيوانية كبيرة، كما أنّه كان ذا فائدة دفاعية حيث كان يشكل حاجزًا طبيعيًّا في وجه الغزاة المعتدين.

وفيه ضياع وقرى وكروم وخصب عظيم كما ذكر بن حوقل، وينتهي عند عربايا (تل عجاجة – الشدادى) على الخابور.

وفي وسط المدينة نهران يعرف أحدهما بنهر دار العين، والآخر عين الأصناف تجري في وسط المدينة/ ثم تخرج من تحت سور المدينة.

وتعتبر مدينة سنجار حصنًا فريدًا من نوعه، وذا أثر كبير من الوجهة الحربية بين حكومات المنطقة، وأصبحت سنجار مسرحًا لمدنيات ومعتقدات ولغات ذات ألوان كثيرة، ومن ناحية أخرى فإنّ الأهمية الخاصة لموقع سنجار وغناه دفع ببعض ملوك إقليم الجزيرة وأمرائها ممن أقاموا ممالك أو إمارات لهم في أقسام مختلفة منه إلى التطلع نحو امتلاك هذا الموقع سواء أكان ذلك عن طريق المقايضة أم الحرب، تمامًا كما كان في العهدين الأتابكي والأيوبي، حيث يقول ابن الأثير: “إن جميع ما ملكه صلاح الدين في أرض الجزيرة استقر بملك سنجار” لأنّ سنجار كانت على الجميع كالسور، ويقول ابن خلدون: “لما ملك صلاح الدين سنجار سنة 578 هجري الموافق  1182م صارت سياجا على جميع ما ملكه” ويقول ابن الجوزي “إنّ سنجار صارت تضاهي مدينة دمشق في مزاياها الطبيعية”

سميت سنجار باسم بانيها وهم بنو البلندي بن مالك بن دعر بن بويب بن عنقاء بن مدين بن إبراهيم عليه السلام ! وهذا رأي ياقوت الحموي.

وسميت سنجار باسم بانيها سنجار بن مالك بن دعر، وهو أخو آمد الذي بنى آمد، كما يقول السمعاني، ويذكر القزويني بقوله: إنّ جارية للسلطان السلجوقي؛ ملكشاه كان قد ضربها الطلق بأرض سنجار فولدت السلطان سنجر فسموا المدينة باسمه.

وروى ابن خلدون: إنّ باني سنجار هو سنجاريف بن آثور بن نينوى الذي يرجع نسبه إلى الموصل بن جرموق بن أخت سوريان، وسنجاريف هذا هو الذي غزا بني إسرائيل فصلبوه على باب بيت المقدس.

وسنجار عرفت عند البابليين والآشوريين بلفظ سنكارا أو سنغارا، وعند الآشوريين بلفظ شنخار، وقد وردت لفظة شنخار هذه في كتاب كان قد أرسله ملك الآشية (إلى ملك مصر في القرن الخامس عشر قبل الميلاد ذكر فيه ملك خطاي وملك شنخار ) المصدر – رحلات إلى العراق 2 -112 بدج.

ويقول بعض الرحالة إنّ سنجار قد تكون شنعار التي ورد ذكرها في الأسفار القديمة، كما أنّ مواطنيها من الأكراد مازالوا يردّدون اسمها بلفظة شينكار وشينكاري والسريان يذكرونها بلفظة شيغار.

وتطلعنا المصادر على أنها كانت قبل الإسلام وفي القرن الأول الميلادي مركز دولة مستقلة ضربت فيها النقود وقبل سنة 115 م كانت مملكة آرامية مستقلة، وكان ملكها يدعى آنذاك معنو، وفي عام 115م أصبحت مستعمرة رومانية كثرت فيها التماثيل الدينية والمدنية – المصدر (بكنهام في كتابه رحلتي إلى العراق ).

ودخلت في الصراع الحاصل بين الرومان والفرس.

وذكرت سنجار عند جميع المؤرخين من البلاذري واليعقوبي والسمعاني والسبط والفارقي وابن الفرات والذهبي والزبيدي وبن العديم وابن تغري بردي والمقدسي وابن بطوطة وكثيرين.

وظهرت بعض المسكوكات التي ضربت في المدينة في العهد الأتابكي باسم سنجارة، انظر مجلة سومر مجلد 23 عام 1967 ص192 بقلم محمد باقر الحسيني.

وكانت المدينة مبنية على شكل سلاسل من المدرجات بعضها فوق بعض، ولها سوران وأربعة أبواب ثلاثة في قبلي المدينة، والرابع في شمالها، ودور السلطنة والإمارة تشغل مساحة كبيرة يدخل إليها من الباب الثالث في جهة القبلة والمسمى بالباب الجديد، والباب الأول يدعى باب السماء والثاني باب العتيق، وشمالي يدعى باب الجبل، وفيها برج الخزانة، وفيها المسجد الجامع ذو الفضائل الذي يسكن في إحدى زواياه الجوفية الشيخ أبو اليقظان الأسود؛ الجسد الأبيض الكبد؛ أحد الأولياء كما يقول ابن جبير في رحلته، وهذا الجامع مبارك والدعاء فيه مستجاب، ولها قلعتان اثنتان تقعان على تلين وبرج كبير؛ يعرف ببرج الخزانة، ولها ربضان اثنان، وأسواق واسعة ومساجد آهلة، وفيه ست مدارس وثلاث خانقوات ومشاهد ومراقد للأولياء والصالحين

ويتبع مدينة سنجار نواحي وضيع كثيرة منها (النعمانية – وماكسين مركدة وتلعفر وحيال) 0

ويستدل من اللقى الأثرية التي عثر عليها في سنجار أنها من المدن الموغلة في القدم فقد عثر على أدوات حجرية وصوانية وحجرية أوبسيدية بركانية تدل على أن الإنسان سكنها من عصور ما قبل التاريخ، والأدوات الخزفية والقرميدية والنحاسية والحديدية التي هي عبارة عن حلي وزينة ونبال وأبنية عثر عليها الآثاري سيتون لوئيد عام 1939 م، ترتقي بمجملها إلى عصور قديمة كعصر أوروك.

واتّخذ الآشوريون سنجار معقلًا لهم قبل عام 612 ق0م، ثم ورثها الفرس الذين دمروها في عهد شابور الأول سنة 260 م، وفي عهد هرمز الثاني 302 – 309 وفي عهد ذي الاكتاف، والذي لا تزال أكثر المصادر القديمة تذكر اسمه ملطّخًا بدماء الأبرياء ممّن قتلهم في سنجار، وغيرها من رهبان وراهبات وكهنة وعامة.

وانهزم ملكها معنو أمام جيوش الرومان بقيادة تراجان سنة 115م، وسمّيت اورليا وسبتميا حينما أصبحت مملكة رومانية وحصنًا لهم.

وخلال القرن الرابع الميلادي كانت سنجار تتأرجح بين السيادتين الفارسية والرومانية، وقد وقعت على أرض سنجار معركة تاريخية عام 348 م، حيث حاصرها شابور الثاني، ودمرها، ونقل أهلها أسرى إلى فارس فنكّل بهم، وقتل أكثرهم، وكان قائد الرومان قسطنطين، فانهزم الرومان، وأسر منهم خمسة فيالق، ويعزو جيبون سبب هزيمة الرومان إلى طبيعة أرض سنجار، والأخطار التي نجمت عن شدة الحر والعطش اللذَين أصابا الفرق الرومانية، وإلى صعوبة وصول المؤن إليها، وأصبح الخابور هو الحد الفاصل بين الرومان والفرس.

جاء في كتاب الخراج لأبي يوسف أنّ الجزيرة كانت قبل الإسلام طائفة للروم وطائفة للفرس، ولكل فيما يده منها جند وعمال فكانت رأس العين فما دونها إلى الفرات للروم ونصيبين، وما وراءها إلى دجلة لفارس، وكان سهل ماردين ودارا وسنجار وإلى البرية لفارس، وجبل ماردين ودارا وطور عابدين للروم، وهذه الاتّفاقية موقعة بينهما لاقتسام أرض الجزيرة.

وعندما جاء الإسلام فتحت بلاد الجزيرة على يد القائد عياض بن غنم الأشعري في عهد عمر بن الخطاب، فقد فتحت حرّان والرقة وقرقيسيا ونصيبين وسنجار وكفرتوثا وطور عابدين وماردين ودارا وقردي وبازبدي وارزن، ودخلت سنجار النصرانية في حوزة الإسلام، وبقي أهلها على نصرانيتهم، بعد أن فرضت عليهم الجزية أسوة بغيرهم من سكان المدن الأخرى.

وأوّل من تولّى أمر الجزيرة بعد عياض بن غنم سعيد بن عامر بن حذيم ثم الضحاك بن قيس الفهري، وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب تولّى أمر سنجار الأشتر بن مالك النخعي، وتقاتل مع الضحاك صاحب معاوية بن أبي سفيان فتسلّم سنجار الأشتر.

كانت منازل تغلب فيما بين الخابور والفرات ودجلة وقرقيسيا وسنجار والموصل شمالًا وعانة وتكريت جنوبًا، ولهم شهرة كبيرة، وكانت النصرانية غالبة عليهم لمجاورتهم للروم، وكانوا موالين لعبد الملك بن مروان، ومناطقهم غنية وعظيمة وخصبة مما أثار حفيظة جيرانهم قبيلة قيس، ممّا أدّى إلى صراع وقتال بينهما على أرض سنجار.

ولهما أيام منها يوم ماكسين ويوم الثرثار الأول والثاني ويوم الفدين ويوم بلد ويوم سنجار كان لتغلب على قيس، وأصاب سنجار الخراب، وبقرت بطون ثلاثون امرأة من قبيلة سليم من سكان سنجار والمحلبيات وهي بلدة بين الموصل وسنجار، وأشار الشاعر الأخطل الذي هجا قيس:

  • خف القطين فراحــــــوا منك أو بكروا     وأزعجتهم نوى في صرفها غير
  • وقيس عيلان حتى أقبـــــــلوا رقصـــا        فبايعوك جــهارا بعدمـــــا كفروا
  • فلا هــدى الله قيســا من ضـــــــلالتهم     ولا لــعا لبنـــي ذكوان إذ عثروا
  • ضجوا من الحرب إذ عضت غواربهم      وقيس عيلان من أخلاقها الضجر
  • وأصبحـــــت منهم ســــنــــــجارخالية فالمحلبيـــات فالخـــابور فالسـرر

 

وجاء العهد الأيوبي فسار نورالدين زنكي من الموصل قاصدًا الشام، فعرج على سنجار التي أصبحت لعماد الدين، فتفقّد أحوالها، وأرشد صاحبها، وأشرف بنفسه على إعادة تعميرها وترميمها، فذكر أنّه أمر بعمارة الأسوار، وترميم البنيان، وقام بسلسلة من الإجراءات التي ترمي إلى تثبيت أقدام عماد الدين في حكم المدينة، فعزل وولّى في الإدارة والقضاء، ومن هذه التدابير كان إسناد منصب القضاء في المدينة (بالإضافة إلى نصيبين والخابور) إلى الشيخ شرف الدين بن أبي عصرون، وبعد أن اطمأنّ إلى سلامة الأوضاع سار قاصدا الشام، وتعاقب على حكم سنجار كل من :

  • عماد الدين زنكي أبو الفتوح بن مودود 566هجري حتى 594 هجري 1197م
  • قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي 594- 616هجري 1219م
  • عماد الدين شاهنشاه بن قطب الدين محمد 616هجري الموافق 1219م
  • جلال الدين محمود بن قطب الدين محمد 617هجري 0

وتسلم عماد الدين مهامه في سنجار، لكن واجهته هموم كثيرة في بلاد سنجار منها – أنّ سيف الدين غازي الثاني صاحب الموصل حاصر سنجار ثم تركها لأسباب عسكرية.

تسلّم الأشرف؛ موسى سنجار من الزنكيين، وصارت عاصمة له ذات شأن كبير بين دول الجزيرة والشام، وبلغت شأوًا بعيدًا في مضمار التقدم والعمران والاتّساع.

لم تسلم سنجار من غارات الخوارزمية التي انطلقت من بلاد ما وراء النهر، وقد شملت إقليم الأفغان وإيران وحلت محل الدولة السلجوقية.

ويحدّثنا ابن الأثير قائلًا: “في سنة 658هجري تفرق عسكر جلال الدين بن خوارزم شاه، فقصدت طائفة من عسكره حران، وأخرى قصدت نصيبين والموصل وسنجار وأربيل، وغير ذلك من البلاد.” هذا ولم ينسَ ابن واصل ما فعل هؤلاء من فظائع وجرائم بقوله: “وفي سنة 628 هجري وصل الخوارزمية الى بلد سنجار ونهبوها ثم دخلوا الخابور.” بن واصل في كتابه (مفرج الكروب).

اجتاح المغول البلاد عامة، واجتاحوا دولة خوارزم شاه، وفتح المغول العراق، ووصلوا نصيبين، وقتلوا ودمروا ثم اجتاحوا سنجار، ونهبوها، قال ابن تغري بردي في حوادث سنة 633 هجري: “وفيها قطع التتر دجلة في مائة طلب، وكل طلب 500 فارس، ووصلوا سنجار فخرج إليهم معين الدين بن كمال الدين بن مهاجر؛ يظهر أنه كان مسؤولًا عن الدفاع في المدينة، فقتلوه على باب سنجار.

تسلّم الملك الصالح؛ نجم الدين أيوب سنجار ودمشق وبعلبك وبعث ابنه المنصور إلى سنجار ونصيبين والخابور، ليتسلمها من نواب الأشرف إلّا أنّ السلطان؛ غياث الدين كان يسعى لإزالة ملك الصالح والتخلص منه.

قاد لؤلؤ البشاري جيشًا بنفسه، وسار قاصدًا بلاد سنجار، فوصلها، وحاصر الصالح بها، تضايق أهل سنجار من هذا الحصار، وتأزّم وضع الصالح، فقرر مراسلة لؤلؤ سائلًا الصلح معه، لكنّ لؤلؤ رفض ذلك.

راسل الصالح ولده المغيث فتح الدين عمر كما أوعز من قبله المدعو بدرالدين يوسف بن الحسن الزرزاري السنجاري بالاشتراك مع ولده في إجراءات المفاوضات مع الخوارزمية، لما كان لهذا الاخير من مكانة مرموقة ومسموعة في عصره.

خرج القاضي بدرالدين من سنجار سرًّا، ومضى إلى الخوارزمية في حران، وانضمّ إليه في الطريق الملك المغيث، واجتمع الاثنان مع قادة الخوارزمية، وأجريا المفاوضات التي انتهت إلى اتفاق.

يقول ابن العبري: “إنّ المغول ألقوا القبض على علاء اللدين ابن الصالح اسماعيل، وأسكروه وأوثقوا فخذيه بوتر القوس وثقًا شديدًا حتى تفجّر بطنه، وقطعوا حقوبه قطعتين، وعلّقوهما على عتبتَي مدينة الموصل – من تاريخ الدول السرياني – مجلة الشرق عام 1956 عدد نيسان.

حكمت سنجار من قبل الإيلخانيون المغول ومنهم – هولاكو خان تولوي بن جنكيز خان – ثم أرغون خان بن أباقا إبغا بن هولاكو – وغازان محمود بن أرغون وتملك أولجياتو سنجار من أخيه محمود، وكان مقيمًا فيها، ودخل الإسلام وسمّى نفسه محمد خربنده، ولقّب غياث الدين – وصاتي بك خاتون السلطان العادل – وسليمان خان بن محمد سينكة – في سنة 1289 م أقدمت جماعة من السوريين على غزو سنجار، وهم حوالي 2000 رجلًا فعاثوا فيها فسادًا وقتلًا وتشريدًا لأهلها وهربت.

لكن صاحب الموصل أدركهم عند فيش خابور على جسر ضيق، واسترجع منهم بعض المنهوبات، ونحو ثلاثمئة من الأسرى.

 

 

سكان مدينة سنجار

سكنت سنجار :

  • 1-العرب

قبائل عربية، منها التغلبيين وقيس عيلان (سليم وقشير ونمير وكعب وكلاب) وعقيل وطي وزبيد وبنو يعقوب ولهم مدرسة في مدينة سنجار تعرف باسم القفطي، وهي بطن من سليم من العدنانية، والعبيد وشمر والضفير .

2- الأكراد

يقطن الأكراد سنجار بجميع عشائرهم وكانت هذه المنطقة من مواطنهم الأساسية وكان لهم دور سياسي كبير ترك أثره على مجرى الأحداث في تلك الديار خلال عهودها المنصرمة والدلائل التي تشير إلى تواجدهم في سنجار كثيرة منها :

  • ألمح ابن الاثير وابن العديم إلى وجود الأكراد الزرزاريين في قلب سنجار، وذكر أن نفوذهم وسلطانهم شمل بعض نواحي المدينة.
  • تحدث ابن جبير الذي زار سنجار في القرن السادس الهجري عن أكراد سنجار فأبدى حذره وتخوفه منهم، وأوضح عجز السلاطين عن إسكاتهم، وردّ هجماتهم ضد الدولة والتجار والحجاج.
  • عرج ابن بطوطة إلى سنجار، ونعت الأكراد بالشهامة والكرم والرجولة، فقال: “وأهل سنجار أكراد ولهم شجاعة وكرم “
  • ولم تغفل المراجع الحديثة ذكر الأكراد في سنجار، فتحدّثت عن أعمالهم وسلوكهم، والأكراد هم من العنصر الآري، وهم مزيج من الآرية والسامية سكنوا في بلادهم الحالية، وكوّنوا الشعب الكردي. وامتزجوا واختلطوا مع الشعوب الأخرى، وعاشوا في ألفة وأخوة الشعوب مع العرب والسريان.
  • الجرامقة- السريان

رحل الجرامقة المعروفون بالسريان إلى سنجار، وأنشؤوا فيها أسقفية، وهم من الموصل جاؤوا من جرمق بفارس،  ويقال إنّهم من الآراميين، ويقال إنّهم من الكلدانيين كما يقول الصايغ في تاريخ الموصل، وفي سنجار المسلمون بطوائفهم المتعددة من سنة وشيعة وعلويون، وفيها النصارى المسيحيون ولهم أديرة منها الدير الجديد ودير برقيطي – ودير عاصي – ودير ووزنه – واسم أسقف سنجار جرجيس اشترك في مجمع نيقية.  وباباي- وشمعون – وماري عام 1257 م – وعبد يشوع 1290 م ويوحنا – ماران 1616م ودخل المذهب المونوفيزيتي ذو الطبيعة الواحدة مدينة سنجار، ومن علمائهم جبرائيل السنجاري – والقديس مارشوحا-

  • الإيزيديون

يشاع أنّ تسمية الإيزيديين نسبة إلى يزيد بن معاوية؛ ثاني خلفاء بني أمية، حيث أن أصحابها يدعون أنهم من نسله، رغم وجود بعض الآراء التي تنسبهم إلى غيره، لكنّ المؤرخ الدملوجي في كتابه اليزيدية يفيد أنّ التسمية باليزيدية لا يستلزم الانتماء إلى يزيد بن معاوية مطلقًا، وأنه ظهر خلال العصر الثاني والثالث الهجري بيت عرف رجاله باليزيدين، ولم يكن له صلة لا بيزيد ولا بالأمويين قاطبة.

لجأت حوالي 400 عائلة من الإيزيديين إلى سنجار من شيخان بالموصل، ولحق بهم إيزيديون كثيرون من دياربكر وحوض دجلة وبدليس وأماكن اخرى وامتزجوا مع مجتمع سنجار، وهناك قبائل عربية اعتنقت المذهب الإيزيدي منها الشهوان من تغلب، والهبابات من طي وعمرا.

ويغلب الإيزيديون على جميع سكان سنجار، بل هم الغالبية في المدينة ومحيطها، ومن العشائر الكردية في سنجار – عشيرة الباباوات – وعشيرة كلب علي – وعشيرة عبد علي – وبيت ناصو – والهلالية – والموسقورة –وعشيرة الخاتونية (التي يعود تسميتها إلى جدتهم ربيعة خاتون أخت السلطان صلاح الدين الأيوبي، والتي تزوجت من اثنان أحدهما عز الدين أنر وملكت أراضي كثيرة حول بحيرة الخاتونية، ولها أخت ثانية مدفونة في دمشق، ولها مدرسة ومارستان تدعى زمردة خاتون، وبنَتْ مساجد عديدة منها في العفيف في دمشق وفي شارع الثورة في دمشق).

وفي سنجار مرقد الشيخ؛ عدي بن مسافر الذي اشتهر بالزهد والورع، وللإيزيدية معتقدهم وعاداتهم منها أنهم لا  يأكلون القرع والخس والسمك ولحم الغزال والديكة، ويلبسون العباءة البيضاء والطاقية السوداء، ولهم كتاب مصحف رش (المصحف الأسود).

وينقسم الإيزيديون الى الخوركان والجوانا، ولهم تقويم لحسابات الشهر والشمس والقمر واستخدام الظلال ومعرفة عمر القمر في يوم معين من التقويم الشرقي اليولياني، ومعرفة النجوم ووحدات القياس – اليوم والأسبوع والشهر والسنة الشمسية والقمرية.

وتوجد في سنجار آثار منها راقم للمسافات، وهو عبارة عن حجرة سمراء بشكل مخروط ناقص ارتفاعها 134سم، وقطر قاعدتها 48سم، لكنه نقل إلى متحف الموصل وهذا الرقم مدون باللاتينية من عهد الإمبراطور إسكندر سويروس عام 235م، فيه ثبت بالمسافات على الطريق الروماني المؤدية للمدينة، وفي سنجار قلعة حربية شهيرة لصد الهجمات.

وفي مطلع القرن الثاني عشر الهجري – في عام 1708 م أعلن الإيزيديون في جبل سنجار العصيان والتمرد على الدولة العثمانية، فقوبلوا بحملات متواصلة وعنيفة قيل إنّها أهلكت مجموعات كبيرة منهم، وكانت الدولة في صراعها معهم ترمي إلى إرغامهم على ترك دينهم ومعتقداتهم وإعادتهم إلى الدين الإسلامي.

وإيزيديو سنجار يختلفون عن غيرهم من إيزيديي المناطق الأخرى في بعض عاداتهم ومعتقداتهم، ومنها اعتقادهم برجال الإسلام، ولا سيما بالسادة العلويين وأئمتهم، فهم يكنّون الاحترام لهم لصفتهم أنهم قرشيين، ولا يدّخرون وسعًا في تقديم المساعدة لهم والدفاع عنهم إذا لزم الأمر.

وهناك في سنجار مراقد تزار منها: مرقد الشيخ شرف الدين – والشيخ بركات – والشيخ دقيق – ومحمد رشان –والرومي السنجاري – والشيخ أسود – ومرقد الست زينب بنت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه – وبيرزكر.

 

  • الشبك

هم جماعة قليلة من الأتراك تعرف باسم الشبك، وهم مختلطون مع عشائر الباجوان والذين يتظاهرون بالحب الزائد للإمام علي المرتضى رضي الله عنه، وللشبك صلة وثيقة بجيرانهم الإيزيدية فهم يحضرون اجتماعاتهم ويزورون مزاراتهم ويظهرون ولاءهم للإمام علي بن أبي طالب، ولا يزيد عددهم على عشرة آلاف نسمة.

وممّن زاروا سنجار من البحاثة والعلماء – القلقشندي – وبكنغهام وجيمس وليسترانج كي، وزاره، وهرتسفيلد.

هذه هي مدينة سنجار ذات المحاسن وطيب المناخ، وجمال الموقع وصفاء الأديم ووفرة الينابيع، والأنهار وعذوبة الماء،  واتّساع السهول وكثرة البساتين، وتنوع الخيرات والحدائق الغناء وطيب الهواء والطبيعة الخلابة، والتي اتّخذها الملوك مصيفًا ومشتى فخلدوا فيها الى الراحة والسكينة.

 

 

 

المصادر

  • تاريخ بلاد الشام /الواقدي
  • مدينة سنجار /حسن شميساني
  • الكامل في التاريخ /ابن الاثير
  • ابن واصل في كتابه /مفرج الكروب.

 

 

 

 

كاتب

التعليقات مغلقة.