مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

افتتاحية العدد 36: في الحوار العربيّ الكرديّ

هيئة التحرير
تكمن أهمّيّة الحوار العربيّ الكرديّ في تخلّي الطرف العربيّ عن سياسة الاستعلاء والأب الحاضن الذي يحقّ له معاقبة الابن العاق بنظره، وفلسفة الرضا عن الابن البار بنظره أيضاً، فمفهوم الابن البار في الذهنيّة الرجوليّة السلطويّة يتعلّق بالتبعيّة والانصياع وعدم الاعتراض، وكذلك تخلّي الطرف الكرديّ عن مفهوم العبد الذليل، أي البحث عن مفهوم الرضى أو عدم الرضى، وعلى الأغلبيّة العربيّة في سوريا ألّا تعطي الحقّ لها أن تنظر بعين العطف والشفقة إلى الشعوب غير العربيّة ومنها الشعب الكرديّ، بل يجب أن يُنتفى مفهومي الأغلبيّة والأكثريّة وهذا جوهر القضيّة الديمقراطيّة وليست ديمقراطيّة الأغلبيّة الليبراليّة التي أنتجت الويلات والدمار والحروب.
وبالطبع تخلّي كلا الطرفين عن التعصّب القوميّ سواء كان الجانب العربيّ هو من ابتدأ بهذه الفكرة المستوردة، وحيث نشأت ردّة فعل الكرديّ للوقوع في فخّ القومويّة، وسواء كان أي من الطرفين يلقى اللوم عليه في هذه الناحيّة في إنعاش فكرة التعصّب القوميّ، فما يهمّ هو التخلّص من الفكر القومويّ التعصّبي وليس القوميّ، فلكلّ مكوّن الحقّ في شعوره القوميّ وحقّه القوميّ وطموحه القوميّ بعيداً عن التعصّب.
ومن هنا ومن خلال هذه البحث في العلاقة التاريخيّة بين الكرد والعرب، أو بين الكرد والترك، أو بين الكرد والفرس، والتنقيب عن نقاط التلاقي لا الاختلاف والبحث عن سبل الحل، والنظر إلى اتّفاقيّة سايكس بيكو على أنذها الكارثة التي أدّت إلى كلّ هذا التناحر والاقتتال، حيث أصبح الشعب الكرديّ مجزّأ ما بين أربعة دول اعتمدت فيها اللغات القومية؛ العربيّة والفارسيّة والتركيّة، وشنّت حملات الصهر والإبادة على الشعوب الأخرى، فبات هناك خلط كبير ما بين الدولة القوميّة وما بين الشعب الذي ينتمي إلى لغة الدولة، فاستطاعت الدولة القوميّة عبر القرن الماضي حتّى الآن أن تخلق شرخاً كبيراً ما بين الشعوب غير العربيّة وغير التركيّة وغير الفارسيّة وما بين المجتمعات المنتمية إلى لغة الدولة القوميّة.
وقد حاولنا في ملف هذا العدد قدر المستطاع تسليط الضوء على هذه العلاقة ما بين الشعب الكرديّ والشعب العربيّ على وجه الخصوص، والبحث في أغوار هذه العلاقة، من خلال وجهات نظر متعدّدة، ومن خلال كتّاب وباحثين من معظم الأطياف الفكريّة التي ساهمت في تسليط الضوء على هذه العلاقة، والبحث عن المشاكل والعوائق التي فرّقت ما بين الشعوب، ومن هو المستفيد؟ وما هو الحلّ المقترح؟

كاتب

التعليقات مغلقة.