مجلة فكرية سياسية ثقافية تعنى بشؤون الشرق الأوسط

افتتاحية العدد 33: صيغة الحل

هيئة التحرير
للإلتقاء بالحقيقة نحتاج إلى نهج الحقيقة لبلوغ الحلقات المفقودة التي حولت العالم إلى كرة لهيب تتعاظم ضمن دائرة فوضى وصفت بالكثير من المسميات. وللبحث عن الحقيقة نحتاج إلى ايجاد مكان فقدانها أولاً حتى نستطيع أن نخطو نحو الصواب، والشرق الأوسط هو المكان الذي فقدت الانسانية مجراها وانساقت صوب السلطة المركزية لتبقى الذهنية الدولتية هي الحاكمة طوال قرون عانت من خلالها الشعوب والمجتمعات أبشع أنواع الظلم. واليوم تتضارب الآراء في كيفية الخروج من هذه الدائرة الحلزونية التي تفرض ايجاد الحل لجميع القضايا التي تعاني منها المنطقة، وخاصة من بعد اثبات فشل الأنظمة الدولتية كشكل حكم في الشرق الأوسط.
البحث مستمر في ايجاد الحل البديل، ولكن رغم مساعي بعض القوى للقيام بقيادة هذا التغيير لم تستطع تحويل الأرضية الموجودة إلى قوة نظام اداري ديمقراطي رغم وجود تجارب عالمية في حكم البلاد وادارتها والتي كلفتها الكثير في تحقيقه. إذا ما تطلعنا إلى هذه الصيغ في الحل ربما نجد مخرجاً لبلوغ بر الأمان من خلال الاستناد على الأرضية التاريخية التي ترعرعت عليها هويتنا المجتمعية التي لا تقبل الفطام المر من ثقافة المجتمع الطبيعي حتى وإن شبه كمن يحفر البئر بابرة. الحقيقة الاجتماعية للشرق الأوسط حقيقة حية كسائر الحقائق الأخرى ولا يمكن لأي نظام دخيل آخر التربع على قيمه المادية المعنوية على المدى الطويل، وقد اثبتت التطورات الأخيرة هذه الحقيقة حتى بعد مرور حقب طويلة ولكن لن تعود الكرة مرة أخرى إلى سابق عهدها كما يظن البعض، لأن كل بؤس لابد لها من الزوال. فلا يمكن لنار الشوفينية ولا الطائفية ولا القوموية أن تحرق ثقافة اجتماعية ملتحمة كما اللحم والظفر، ولا يمكن أن تجتمع في مصب الحل ومتى ما اجتمع السيفان في غمد ستجتمع هذه النزعات مع هذه الثقافة!
تقدم الشعب الكردي في المنطقة وخاصة في روج آفا وسوريا وباكور كردستان وتركيا على عملية البناء عبر تقديم طرح الفيدرالية كنظام اتحادي لا مركزي ويثابر جاهداً لتحقيقه وذلك لوجود أرضية خصبة لتطبيق هذا النظام من خلال اتحاد قوى المكونات المتنوعة والغنية التي تشكل نموذج مصغر لموزاييك الشرق الأوسط. وهذا بدوره ما سيفتح الطريق أمام فيدرالية كافة البلدان الأوسطية الأخرى فيما اتخذت من ذلك نموذجاً للحل والذي يعتبر من أكثر النماذج تطوراً واستجابة لمتطلبات عصرنا.

كاتب

التعليقات مغلقة.